Tuesday 31th August,200411660العددالثلاثاء 15 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

شيء من المنطق شيء من المنطق
المرعب 1-7
أ.د. مفرج بن سعد الحقباني

التقاعد سنة من سنن الحياة العملية ونهاية متوقعة لكل من بدأ حياته العملية ولكنها نهاية غير محببة لدى غالبية العاملين في القطاعين العام والخاص حتى أضحى 1-7 من الأيام التي ينظر لها البعض على أنها نقطة تحول في مسيرة الحياة الإنسانية بين العمل والبطالة وبين الانتاجية والاتكالية.. ولعل ما يزيد من تعاسة هذا التاريخ لدى البعض النظرة الاجتماعية للمتقاعدين خاصة تجاه من كان يستغل سلطته لتحقيق مصالحه الخاصة ومن كان يستغل كرسيه لإذلال ذوي الحاجة من المراجعين المحتاجين لخدماته الإدارية ومن كان يعتقد ان الكرسي لا يدور وان صكاً شرعياً قد صدر بتملكه لهذا الكرسي وما يترتب عليه من سلطات إدارية تتقاطع قسراً مع مصالح الآخرين.. فإذا كانت هذه النظرة الاجتماعية الانتقامية مفيدة لردع من بقي من المتسلطين الإداريين، فإنها تجانب الواقعية والمنطقية في كثير من الأحوال خاصة وان سن التقاعد لا يمثل نقطة تحول بين القدرة والعجز وبين الحياة والموت.. لقد أثبت الكثير من المتقاعدين ان التقاعد والانتقال من حياة الوظيفة بقيودها الإدارية ومساراتها المحددة الى حياة الحرية الإدارية الوظيفية يمثل نقطة تحول ليس فقط في مجال العمل ولكن ايضا في مجال الانتاجية وتحقيق الأهداف الشخصية، إذ اصبح بمقدور المتقاعد ان يحدد أهدافه بلا قيود ويرسم استراتيجياته بلا محددات خارجية ويتحرك في اطار من الحرية الزمنية والإدارية التي لم تكن متاحة في السابق مما ساعد على تحقيق معدلات عالية من الراض الشخصي والاجتماعي لدى هذا المتقاعد ولدى بقية أفراد مجتمعة المحيط.. وفي نفس الوقت نجد أن الواقع يحكي حكايات من التآكل الذاتي والانزواء الاجتماعي لدى بعض المتقاعدين خاصة من كانت قدراته المالية والبدنية والذهنية لا تساعده على الانخراط في الحياة الجديدة بمتغيراتها ومقوماتها وضوابطها التي تختلف جذرياً عما كان سائداً في الحياة الإدارية قبل التقاعد.. اننا كمجتمع نتحمل مسؤولية استيعاب وإعادة تأهيل هذه الفئة من المتقاعدين وغيرهم من الكفاءات والقدرات التي مازالت تستطيع المساهمة في مجالات أخرى من مجالات الحياة المتعددة ومازالت قادرة على تحقيق اضافة ملموسة للعمل المجتمعي والاقتصادي الوطني.. فيمكن الاستفادة من المتقاعدين في برامج التدريب المتخصص والمكاتب الاستشارية والجمعيات الخيرية والمدارس الأهلية والاستشارات والحراسات الأمنية وغير ذلك من المجالات التي تغص في الوقت الحاضر بالعمالة الاجنبية.. وحتى يتحقق ذلك لابد ان نخضع حياة الموظف بعد التقاعد للدراسة المتخصصة لنتعرف على الآلية اللازمة لحمايته من التآكل الذاتي والمجتمعي ولنحقق الاستفادة القصوى من القدرات الوطنية المحملة بالخبرة العملية المتراكمة ولنزيل الرعب الذي يلازم 1-7 من كل عام.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved