Tuesday 31th August,200411660العددالثلاثاء 15 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "دوليات"

بين نارين.. لقمة العيش وقطع الرأس بين نارين.. لقمة العيش وقطع الرأس
سائقو الشاحنات في العراق ورحلة الخروج بلا عودة

* بوابة حابور - رويترز:
بعد شهر تقريباً من وقوعه في قبضة مسلحين بالعراق وتهديدهم بقطع رأسه عاد سيد أونورلو إلى العراق مرة أخرى بحثاً عن شاحنته التي أخذت منه.
وأونورلو الذي أطلق سراحه في أوائل هذا الشهر بعدما قال أصحاب الشركة التي يعمل فيها: إنهم سيتوقفون عن تزويد القوات الأمريكية في العراق بالإمدادات يعد واحداً من آلاف السائقين الأتراك الذين ربطوا حياتهم بهذه التجارة الخطرة عبر الحدود.
وقال: (الحمد لله أنني عدت لكن يجب أن أرجع ثانية. إنني خائف. ليس هناك ما يضمن أنهم لن يقتلوني هذه المرة. إنهم يعرفوني الآن).
تعرض عشرات العمال الأجانب وكثيرون منهم أتراك للاختطاف في العراق منذ أبريل نيسان.
وأطلق سراح كثيرون غير أن قتل آخرين ومنهم سائقان تركيان على الأقل هز قطاع سائقي الشاحنات. كما قتل البعض أيضاً في أكمنة وعمليات سرقة تحت تهديد السلاح.
ويقول أونورلو: إنه ببساطة لا يستطيع تحمل ألا يعود. فهو يريد بيع شاحنته التي تخلى عنها حين خطف في أواخر يوليو تموز كي يسدد ديوناً مستحقة عليه تصل إلى 30 مليار ليرة تركية (20 ألف دولار).
وقال في اتصال هاتفي من منزله في سانليورفا بجنوب شرق تركيا: (بعد ذلك لن أعود هناك أبداً). ليس وحده. فالعديد من الشركات التركية بما في ذلك شركة بيلينتور الكبرى للنقل التي قتل أحد سائقيها بالرصاص على أيدي خاطفين صوروا العملية في شريط فيديو قررت الانسحاب من العراق لضمان أمن عمالها بعد اختطاف سائق ثانً لها.
ويقول مسؤولون عند بوابة حابور الحدودية التي تعد الآن المعبر البري الوحيد بين تركيا والعراق: إن حركة المرور في تراجع بصورة ملحوظة من 1500 شاحنة كانت تدخل العراق يومياً قبل بدء موجة الخطف.
وكان من الصعب التوصل إلى الأرقام الدقيقة لحجم التراجع في حركة المرور من البوابة لكن الأدلة كثيرة. وبعدما كان طابور الشاحنات المتجهة للعراق يمتد لعدة كيلومترات لا يوجد أثر الآن لأي طابور رغم أن المعتادين على المرور من البوابة يقولون أيضا: إن حركة المرور تعتمد جزئياً على مدى سرعة موظفي الجمارك في إنهاء الإجراءات.
وقال هيشار هاشم اوغلو نائب رئيس غرفة مالكي الشاحنات وسائقيها في بلدة سيلوبي القريبة: (تراجع الطابور كثيراً بعد عمليات الخطف. بعد بث شريط إعدام السائق التركي الناس توقفت عن الذهاب) إلى هناك.
وحثت رابطة شركات النقل الدولية التركية التي تمثل ما بين 30 إلى 40 شركة أعضاءها في أوائل أغسطس آب على التوقف عن نقل البضائع للقوات الأمريكية في العراق رغم أن شركة عملاقة أخرى للنقل البري قالت: إنها ستواصل العمل.
وقال مسؤول في شركة نقل يعمل كوسيط بين المصدرين والسائقين: إنه وجد صعوبة في العثور على عدد كافٍ من السائقين لنقل الشحنات المطلوبة للعراق. وذكر أن تراجع الطلب أدى إلى انحفاض أسعار الشاحنات المستعملة بنحو عشرة في المئة منذ أعمال الخطف.
وأضاف الرجل الذي طلب عدم نشر اسمه (أحاول بيع أربع شاحنات أملكها منذ شهر الآن). لقد فكرنا في التوقف عن نقل البضائع للعراق لكن السائقين الذين يذهبون ليس لهم وظائف أخرى.
كثير من السائقين لا يمكنهم إسقاط خيار العمل في العراق لعدم وجود طريقة أخرى لكسب العيش. بعضهم يعمل لحساب نفسه ومثقل بديون كبيرة بسبب شراء شاحنات قبل أن تبدأ موجة الخطف عندما كان العمل في العراق يبدو فكرة طيبة. ويعمل آخرون لحساب أصحاب شاحنات.
وقال حاجي اوزين من جنوب تركيا الذي يعبر الحدود مرتين أو ثلاث مرات شهرياً ناقلاً الوقود للقوات الأمريكية: (لا توجد وظائف أخرى. لا مصانع ولا استثمار. بالطبع نحن خائفون في ظل غياب الأمن هناك. لكن ليس أمامنا خيار آخر).
ومثل كثير من السائقين يقول: إنه يشعر بالأمان في شمال العراق ذي الأغلبية الكردية الذي مازال مستقراً بدرجة كبيرة. لكن التوجه إلى ما بعد الموصل على عمق 100 كيلومتر داخل أراضي العراق ومعقل المقاومة ضد الاحتلال الأمريكي هو مغامرة محفوفة بالمخاطر.
وقال الوسيط: (قبل أيام قتلوا سائق شاحنة من أجل خمسة دولارات).
وأضاف أن أحد أقاربه اختطف وأجبر على تلاوة القرآن ليثبت أنه مسلم.
وأطلق سراحه بعدما تعهد بالتوقف عن نقل الإمدادات للقوات الأمريكية. وبالفعل لم يعد. ويرفض البعض الآن التوغل في عمق العراق.
وقال جمال جوزيل الذي عاد بشاحنة خاوية بعدما سلم شحنة اسمنت في بلدة زاخو على الحدود الشمالية للعراق انه توقف عن قيادة شاحنات نقل الوقود إلى الموصل وما بعدها بعد بدء عمليات الخطف.
وأضاف (اشترك ثلاثة منّا معاً لشراء هذه الشاحنة ونحن نذهب فقط إلى زاخو).
وأعلنت الحكومة التركية أنها ستبدأ في تطبيق إجراءات أمنية جديدة للمساعدة في حماية السائقين لكن لن ترافقهم قوات من الجيش.
وقليلون هم الذين يضعون ثقتهم في الدولة.
وقال أحد أصحاب الشاحنات: (لا أحد مهتم بهذه المشكلة. لا المسؤولون العراقيون ولا الأمريكيون ولا تركيا).
ويلقى أونورلو معارضة من أسرته لهذه المغامرة غير المحسوبة. ويقول: (أخفي أطفالي جواز سفري. على أن أحصل على جواز جديد كي أتمكن من العودة إلى العراق).


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved