* نيودلهي - د ب أ:
بقرارها المفاجئ رفض تولي منصب رئيس الوزراء لم تكتسب الايطالية المولد سونيا غاندي احترام المجتمع الدولي فحسب بل حازت على قلوب الملايين من مواطني الهند التي تُمثِّل أكبر ديموقراطية في العالم.
وتجسَّد هذا الإعجاب في مقالة لأحد المعلقين السياسيين في صحيفة (ذا هيندو) خاطب فيها سونيا غاندي قائلاً: (لقد أثبتِ خطأ كل منتقديك الذين رأوا أنك متعطشة للسلطة، وعلاوة على ذلك فقد أعدت الثقة لشعب هذه البلاد من خلال إنجازاتك النبيلة في مجال الخدمة العامة).
وعلى الرغم من أن حكومة رئيس الوزراء مانموهان سينغ التي تحتفل أمس الأحد بمرور مائة يوم على توليها سدة الحكم في البلاد إلا أنه يبقى واضحاً للجميع أن السلطة الحقيقية ليست في يد مانموهان سينغ وإنما في يد سونيا غاندي التي تصدر توجيهاتها من خلف الستار، فهي التي قادت حزب المؤتمر إلى نصر مؤزر في الانتخابات التي جرت في البلاد في أيار - مايو الماضي، لكنها وبعد أن شن عليها حزب بهارتيا جاناتا ( قومي هندوسي) الحاكم حينئذ حربا كلامية ركزت على أصولها الايطالية قالت عليَّ أن أتبع (حدسي الداخلي) و(أرفض بكل تواضع) منصب رئيس الوزراء.
وعلى الرغم من تعالي صيحات الاحتجاج والغضب على هذا القرار الذي دفع بعض المشرعين من أعضاء حزب المؤتمر للبكاء وتهديد أعضاء آخرين بالاقدام على الانتحار استمرت سونيا غاندي مصرة على موقفها ولم تتراجع عن قرارها.
وأشاد الكثيرون في أنحاء العالم بقرارها الذي قلما أن يحدث في العديد من دول العالم.
وفي الواقع لم تضيِّع سونيا غاندي الكثير من الوقت من أجل تقوية نفوذها السياسي فبعد قرارها برفض تولي منصب رئيس الوزراء اختارت بنفسها رئيس الوزراء مانموهان سينغ الذي يحكم الآن بتوجيهات تأتي إليه منها من خلف الستار، وفي الوقت نفسه غيَّرت دستور حزب المؤتمر لتتيح لنفسها تولي المسئولية البرلمانية للحزب في سابقة تاريخية حيث كان يحتل هذا الموقع رئيس الوزراء، ويتيح لها موقعها الكثير من الصلاحيات منها على سبيل المثال تغيير رئيس الوزراء في أي وقت تشاء.
واختارت سونيا غاندي أيضاً وزراء بارزين في حكومة سينغ بل إنها هي شخصياً منحت منصباً في الحكومة وهي في نفس الوقت رئيسة التحالف التقدمي المتحد الذي شكَّله الائتلاف اليساري الحاكم.
وتتيح هذه الصلاحيات لغاندي الولوج إلى كل الملفات الحكومية ويؤكد ذلك ما قاله وزير العدل إتش أر بارادواج في حزيران - يونيو الماضي إن هذا الحق كان يُعطى فقط لرئيس الوزراء، بل إن مجلة فوربس وضعت سونيا غاندي كثالث شخصية لها نفوذ على مستوى العالم مشيرة إلى أنها تحتل أفضل وضع سياسي ممكن.
وذكرت فوربس (أن غاندي تتولى السلطة في بلادها دون أن تتحمل عبء أي خطأ قد تقع فيه الحكومة).
وكشف استطلاع للرأي أجرته مجلة (إنديا اليوم) النقاب عن أن 51 بالمئة من المواطنين الهنود يرون أنها الشخصية الاكثر نفوذا في البلاد بينما يرى 25 بالمئة أن رئيس الوزراء الذى تولى الحكم في أيار - مايو الماضي هو الاكثر نفوذا في البلاد خاصة بعد أن أشار في أحد اللقاءات الصحفية إلى أنه لن يكون هناك مركزان منفصلان للسلطة في البلاد.
وإلى الان لم يوجه أحد الاتهام إلى أرملة رئيس الوزراء الأسبق راجيف غاندي الذي تعرَّض للاغتيال في عام 1991 بأنها متعطشة للسلطة.
|