Monday 30th August,200411659العددالأثنين 14 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

الرئة الثالثة الرئة الثالثة
ثلاث جولات من الكلام المباح
عبدالرحمن بن محمد السدحان

(1)
هناك من قد يعقد داخل أروقة نفسه (محاكمة صورية) للإعلام العربي، قبل أن يدينه علناً بالفشل فشلاً كاملاً، ثم يلتفت ذات اليمين وذات الشمال متسائلاً: هل الإعلام العربي فاشل حقاً، ملتمساً التأييد لحكمه.
***
ولو استقبلتُ هذا السؤال لأجبْت قائلاً إنّ السؤالُ (قمعيُّ) المعنى والغاية، لأنه يفترض أن يكون الردَّ ب (نعم) مطلقة، كما فعل صاحب السؤال، وهذا محال! الإعلام العربي.. ليس في كل أحواله فاشلاً كل الفشل، وليس ناجحاً كل النجاح، وليس صادقاً.. كل الصدق، بل تتجاذبه أطْيافٌ من النجاح والفشل وغياب المصداقية في بعض عطائه لا كله، مَثلُهُ في ذلك مثل جهود (التنمية) .. تَسْتَصْحبُ في معظم أدوارها مواقفَ من النجاح والفشل، لكن ذلك لا يُفْقِدها القدرةَ على الاستمرار!
***
أمّا الأمر الآخر، فهو أنّ مسألة الحكم على الإعلام العربي حكماً قطعياً، على نحو ما يوحي به السؤال، يظل أمراً اجتهادياً يسْهرُ الخلقُ جَراهُ ويختصمُون، فما قد يراه (زيد) من الناس مؤشِّرَ فشَلٍ، قد يراه (عمرو) آخر وقفة نجاح!
***
باختصار، الإعلام العربي يعيشُ حالةَ (نموّ) ، شأنُه في ذلك شأن المجتمع العربي الذي يحتضنُه، يعاني ممّا يعاني منه هذا المجتَمعُ، ويزهُو بما يزهُو به، و (محاكمة) الإعلام العربي، في ختَام القول، جزء من محاكمة المجتمع العربي بخيره وشره!
***
(2)
- لماذا يكره الغربُ المسلمين سِرّاً وعلانية؟! سؤال يتْرى على السمع حيناً بعد آخر، وقد قِيلَ في هذا الشأن الكثيرُ وكُتبَ الكثيرُ، فليس لديّ ما أضيفُ سِوَى القول بأنّ هذا الكُرْهَ، بأيّ قدر وُجِدَ، زماناً أو مكاناً، جاء نتيجة تراكمَاتٍ من الأفعال وردود الأفعال، نُسِبت لبعض المسلمين، فانعكستْ سلباً على الإسلام، والإسلامُ منها براء!
***
- إنّ ما يوصَفُ ب (موجة العداء) ضد الإسلام، هو في نظر العقلاء من الناس هنا وهناك مكرّسٌ في جُلّه ضدّ المسلمين لا الإسلام، وهذا يعني ضرورةَ التمييز بين الإسلام كدين له ثوابتُ وقيمٌ ومبادئُ تقنّن عبادةَ الخالق ومعاملةَ المخلوق، وبين ما يفعله بعضُ سفهاء المسلمين هنا أو هناك فلَيس كلُّ ما يفعلُه بعضُ المسلمين اليومَ يعبِّر عن الإسلام مبادئَ وجوْهراً، وبالتالي، فإن الربط بين الدين من جهة والفعل المجانب للصَّواب من جهة أخرى باطلٌ لا حقّ فيه ولا عَدْل!
***
- نعم.. إنّ صَفحات التاريخ حُبْلى بأحْداث جعَلت المسلمين وغيرهم على طرفي نقيض، بل إن بعضَ الأحداث نشأَت بين بعض فرق المسلمين أنفسهم، ورغم ذلك.. فقد حَصْحَصَ الحقُّ أكْثَر من مرة، وبَانَ الباطلُ، وبقيَ الإسلامُ كريماً وعزيزاً، وأمّا ما يحدث اليوم من لدن بعض المنتسبين إلى الدين قولاً أو عملاً فليس سوى (فتنة) ، حفظ الله الإسلام والمسلمين من شرورها وآثامها!
***
(3)
- تُساقُ التُّهمُ بين الحين والآخر وبصِيغٍ محْشوَّةٍ بالتعميم، إلى شباب هذه البلاد من أنهم يعانون حالة من بلادة الحس، تتجسد في نفورهم من المسؤولية، تكليفاً وتنفيذاً ومتابعةً، ورداً على هذه المقولة.. أقول: إن شبابنا يفْتقرُ منذ الصغر إلى التدريب على تحمل المسؤولية بكل صفاتها ومواصفاتها ومستوياتها، لا التنفير منها أو تهويلها أو التشكيك في قدراتهم على التعامل معها، وإذا كانت الفرضيةُ التي تطرحُها هذا المقولةُ صحيحةً، فإنّ السببَ يكمن في منظومة (التربية) ، بدءاً بالوالدين، مروراً بالمربين، وانتهاءً برفاق اللهو والجدّ!
***
نعم.. بعض شبابنا ينْفِرُ من المسؤولية.. ويفرُّ منها فراراً، لأنّه لا يعرفها، ولم (يتعلم) كيف يواجهها، في ظل غياب ثقافة تربوية سوية تحببه في العمل، مسؤوليةً وأداءً، وغياب القدوة الحسنة لذلك في المنزل والمدرسة.
***
لذا، أقولُ للآباء والمربين:
1) امنحُوا أبناءكم وبناتكم الثقةَ أولاً، ثم الفرصةَ على إثبات هويتهم بالفعل لا بالشعار، وبالأداء لا بترفِ المواعظِ ومثاليات الكلام!
2) لا تنفروهم من العمل بالحساب العسير إذا هم اخطأوا، فالخطأ.. خطوة نحو إدراك الصواب!
3) كونوا لهم قدوةً صالحة مُصْلحةً.. في أداء ما يُوكَلُ إليكم أنتم، كي يتبعوا خطاكم اهتداءً واقتداءً، فتنشأ بينهم وبين المسؤولية ألفةٌ ومودة، تجذبُ ولا تنفر، وتحفز ولا تحبط!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved