قبل أن نصبح موقع اتهام من الآخر يقوم على مزاعم بأننا نفرّخ الإرهاب، وأننا نحارب طمأنينة العالم، ونبث الرعب في نفوسهم بمجرد رؤية ملامحنا العربية، فإننا نواجه فعلا إرهاباً مزدوجاً بحق أنفسنا وذواتنا.
هناك مَنْ يمارس هذه السطوة على الآخرين بوصاية كاملة، فقد يُخرج من الملة كل مَنْ يَخرج عن هواه أو ميله أو ذائقته، وهذه برأيي افراز طبيعي لتراكم ثقافة الشكل الواحد والطريقة النموذجية ذاتها، والتي يرى فيها البعض تعميما مستبدا يجب أن يسير عليه الجميع، وإلا فإنهم يخرجون من دائرة رحمتهم ورضاهم. مَنْ يقرأ بعض ردود أفعالنا تجاه بعضنا البعض، لا يكاد يتصور اننا في هذا القرن، وكأننا نعيش تحت سطوة مبهمة لا تبعد كثيراً عن مبدأ (إذا لم تكن معي فأنت ضدي)، لكن: معك في ماذا، وضدك في ماذا؟ المشكلة التي نخشى تفاقمها هي ان البعض سيجد له منفذا كي يمارس قوانينه الشخصية وأحكامه التي تروق له وحده كي يعممها على الناس، كل الناس، وهناك منافذ كثيرة يستطيع أن يملي بها شروطه، منها المواقع والمنتديات الالكترونية، والتي لم تسلم هي الأخرى من سوء الاستخدام وعدم الاستفادة الحقيقية من مخزونها وعصرنتها الخارقة. وأكاد اجزم لو ان هناك مسحا لاستخدامنا لهذه الخدمة لكنا أكثر الشعوب التي أهدرت امكاناتها وطاقتها في الشتم والقذف ونشر الاشاعات على بعضنا بعضا. لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يلقي أحدنا نظرة على مثل هذه الخدمات إلا ووجد أسماءنا المستعارة التي توحي ببطولات وخرافات، هي المسيطرة والمهيمنة، نتناول بعضنا قدحاً وذماً ونميمة وأعراضاً، بدلا من هدنة ومصالحة مع النفس، وقياس هذا المفترق الذي نقف على جانبه بكثير من المشاكل والأخطار التي تحيط بنا من كل جانب.
ولن أذكركم بمسلسلات سوء الاستخدام لمعظم التقنيات، التي تؤكد احصائيات السوق المشروعة والسوداء اننا الأكثر اختراقا لها، ولا يهنأ لنا بال الا باقتنائها، وبعد ذلك نمارس العبث والتعدي على الحريات في أبشع الصور.
|