Sunday 29th August,200411658العددالأحد 13 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

أسعار البترول والتضخم يهددان نمو الاقتصاد الهندي أسعار البترول والتضخم يهددان نمو الاقتصاد الهندي

*نيودلهي- شاكر عبد الفتاح (أ.ش.أ):
تهدد أسعار البترول الآخذة في التزايد مقتربة من الخمسين دولاراً ومعدلات التضخم المحلي التي بلغت مستويات قياسية.. بكبح جماح نمو الاقتصاد الهندي ثالث أكبر الاقتصاديات في آسيا والذي كان قد سجل في العام الماضي معدلاً تجاوز 8% ليصبح ثاني أعلى الاقتصاديات نمواً في العالم بعد الاقتصاد الصيني.
ويشعر خبراء الاقتصاد في الهند بقلق حقيقي حيال أسعار البترول العالمية التي لم تبد حتى الآن أي اتجاه نحو الانخفاض، بل تشهد ارتفاعاً بشكل شبه يومي باعتبارها سبباً رئيسياً وراء انفلات معدلات التضخم المحلية خلال الأسابيع الأخيرة لتقترب من 8% في 14 من الشهر الجاري وذلك للمرة الأولى منذ أربع سنوات تقريبا والتي زاد من تفاقمها تأخر سقوط الأمطار الموسمية على مناطق واسعة من الهند.
ويرى الخبراء أنه إذا استمر التضخم في تسجيل مثل هذا المعدل المرتفع فإنه سيكون من الصعب تجنب تأثيره السلبي على مجمل الاقتصاد الهندي الذي كان من المتوقع له أن يستمر في تحقيق معدلات مرتفعة تتراوح ما بين 7% إلى 8% حسب التقديرات الحكومية.
وأشاروا إلى أنه من المعتقد بصفة عامة أنه إذا زاد معدل التضخم عن 5% فإن الاقتصاد لابد وأن يعاني وهو مما يتطلب التدخل من جانب الحكومة باتخاذ إجراءات مالية إضافية للسيطرة عليه.
وقد ساهمت الزيادة المستمرة في أسعار المواد الغذائية والوقود والمنتجات المصنعة في أن تسجل معدلات التضخم المحلية نسبة 8% الأمر الذي لا يثير قلق الاقتصاديين الهنود على تأثير ذلك على اقتصادهم الوطني فحسب وإنما أيضا على القطاعات الفقيرة في المجتمع الهندي التي يؤكد حزب المؤتمر الذي يترأس التحالف التقدمي المتحد الذي تولى السلطة عقب فوزه في شهر مايو الماضي بالانتخابات العامة أنها تحتل سلم الأولويات في سياساته الاقتصادية.
وعلى الرغم من أن المسؤولين الحكوميين يعربون عن أملهم في أن تتجه معدلات التضخم إلى الانخفاض خلال شهر سبتمبر المقبل فإن هناك من المحللين الاقتصاديين من يحذر من أنه في حالة استمرار أسعار البترول في الزيادة لتوشك على تجاوز الخمسين دولاراً للبرميل الواحد في السوق العالمي فإنه قد لا يكون هناك مفر من أن يواصل التضخم المحلي اتجاهه التصاعدي باعتبار أن الزيادة في أسعار البترول هي أكثر العوامل تأثيراً في اتجاه معدل التضخم نحو الارتفاع.
وقد زاد من مخاوف هؤلاء المحللين تقارير لخبراء عالميين في صناعة البترول يتوقعون فيها أن تستمر أسعار البترول في التصاعد بسبب استمرار بعض الأزمات في مناطق مختلفة من العالم مثل العراق وفنزويلا وروسيا إلى جانب الانتعاش في الاقتصاد العالمي والاندفاع الصيني لشراء البترول من السوق العالمي وهو ما قد يدفع بأسعار هذه السلعة الحيوية إلى بلوغ السبعين دولاراً للبرميل.
وكانت فاتورة الواردات الهندية من البترول قد سجلت خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام المالي الجاري 9.90 مليار دولار مقابل 6.11 مليار دولار خلال نفس الفترة من شهر أبريل إلى يوليو من العام المالي الماضي محققة بذلك زيادة نسبتها 61.90% وهو ما ساعد على وصول العجز التجاري الهندي إلى 8.53 مليار دولار مقابل 5.35 مليار دولار خلال الثلث الأول من العام الماضي.
ويعترف مانموهان سينج رئيس الوزراء الهندي ووزير المالية الأسبق ورجل الاقتصاد المرموق بخطورة تأثير التضخم على اقتصاد بلاده وعلى الطبقات ذات الدخل المنخفض وهو ما دفعه إلى أن يؤكد في الأسبوع الماضي في كلمته أمام أول اجتماع تعقده اللجنة الوطنية لحزب المؤتمر بعد الانتخابات الأخيرة أن السيطرة على التضخم بعد أن حقق ارتفاعاً قياسياً تعد أحد أهم الأولويات أمام حكومته الائتلافية.
وأشار سينج إلى أن الزيادة الحادة في أسعار المنتجات البترولية التي تستورد بلاده 70 % من احتياجاتها منها والمخاوف من حدوث موجة جديدة من الجفاف قد عزز من توقعات التضخم، غير أنه مع ذلك يبدي قدراً من التفاؤل بقوله: إن سقوط الأمطار قبل انتهاء موسمها وقرار حكومته خفض الرسوم الجمركية على المنتجات البترولية لتجنيب المستهلكين زيادة أخرى في أسعارها سوف يمكن حكومته من السيطرة على الوضع. وكانت الحكومة الهندية التي اضطرت إلى رفع أسعار الوقود مرتين في غضون فترة قصيرة من توليها الحكم مما أثار غضب المعارضة، بل وحلفائها من الأحزاب اليسارية التي تؤيدها من الخارج قد قررت في مواجهة الزيادات المستمرة في أسعار البترول العالمية خفض الرسوم الجمركية التي تفرضها على المنتجات البترولية لإقناع شركاتها التي تعاني من خسائر فادحة بعدم زيادة أسعار منتجاتها، حيث جرى تخفيض تلك الرسوم المفروضة على البنزين والديزل إلى 15% بدلاً من 20% والكيروسين وغاز الطهي إلى 5% بدلا من 10% غير أن الخبراء يحذرون من أن هذه التخفيضات ستؤثر بدورها بشكل حاد على الأهداف المالية التي حددتها الحكومة الهندية للعام المالي الحالي الذي ينتهي في 31 من شهر مارس القادم.
وتشير تقارير الصحف الهندية إلى أن أسعار العديد من السلع الأساسية بما في ذلك الفواكه والخضراوات قد تضاعفت تقريباً خلال الأسابيع الأخيرة وأن أسعار تلك السلع تميل إلى الزيادة على نحو أسرع في قطاع التجزئة عمّا هي عليه في قطاع الجملة وهو ما حمل الحكومة على أن تعد باتخاذ المزيد من الإجراءات المالية لكبح التضخم في الوقت الذي تؤكد فيه للمواطنين عدم وجود أي نقص في الحبوب والسلع الأساسية الأخرى. ومن جانبه أكد وزير الزراعة شاراد باور أن حكومته لا تتوقع أي نقص في معظم المحاصيل خلال العام 2004 ، 2005هـ بسبب ندرة سقوط الأمطار خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من بدء موسم هطول الأمطار في بداية شهر يوليو الماضي غير أن الوضع قد تحسن كثيراً الآن مع عودة الأمطار للهطول بغزارة مما بدد المخاوف من حدوث موجة من الجفاف خاصة في المناطق الواقعة وسط وشمال غرب الهند.
وكان استطلاع للرأي أجراه اتحاد غرف التجارة والصناعة الهندي قد أشار إلى أن ثقة الشركات في أداء الاقتصاد الهندي من جراء ارتفاع معدلات التضخم والتصاعد في أسعار البترول وتأخر سقوط الأمطار قد اهتزت بعض الشيء حيث لا تتوقع 34% من بين 414 شركة استطلعت آراؤها ثبات أرباحها، بينما تخشى 21% من تلك الشركات أن يشهد معدل أرباحها انخفاضا خلال الأشهر القليلة القادمة في حين توقعت 45% أن تزيد أرباحها خلال الأشهر الستة القادمة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved