* القاهرة - مكتب الجزيرة - عبد الله الحصري:
بعد أكثر من 8 شهور على إعلان إقامة شركة عربية لتأمين المعلومات، أصبح تأسيس تلك الشركة في مهب الريح بعد فشل المسئولين عنها في إقامتها في شهر أبريل الماضي كما كان محدداً.
ويأتي هذا الفشل رغم ما أعلن عنه مجلس الوحدة الاقتصادية العربية من أنه تم الانتهاء من إعداد دراسات للسوق المتوقعة للشركة وحجم الأرباح المنتظرة، حيث يصل حجم السوق العربية في هذا المجال 500 مليون دولار، وأشارت الدراسات إلى إمكانية تعويض رأس المال خلال 3 سنوات.
وكانت الشركة قد أعلن عن تأسيسها برأسمال سعودي مصري يبلغ 5 ملايين دولار لتعمل تحت مظلة مجلس الوحدة الاقتصادية العربية تكون مهمتها إنتاج وتسويق أجهزة وأنظمة تأمين وحماية المعلومات والاتصالات بأيدٍ عربية، واتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لتأمين الحماية اللازمة للتجارة الإليكترونية العربية بعد تزايد عمليات القرصنة والجرائم المتعلقة بالمعلوماتية في العالم، ووضع سياسة عربية تعمل على التقليل من هذه الهجمات، وخلق كوادر عربية تواجه هذا التحدي، وتدعم قدرة المجتمع العربي على التعامل مع معطيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وما يتطلبه ذلك من تفعيل نظم أمنية للمعلومات والاتصالات العربية من خلال الكوادر والأموال والمنتجات العربية.
وكان الهدف من إنشاء الشركة زيادة الوعي بأهمية هذا القطاع عن طريق الإصدارات والمطبوعات المتخصصة والمشاركة في مشاريع أمن المعلومات والاتصالات التطبيقية، وتقديم الحلول في مجال أمن المعلومات والاتصالات وتوطين تقنياتها في المنطقة العربية، وكذلك إقامة أول معهد عربي متخصص في أمن المعلومات والاتصالات يعمل على رفع كفاءة العاملين في مجال تأمين المعلومات والاتصالات وإعداد الكوادر البشرية علمياً وعملياً مع القيام بالمشاريع البحثية ودعم القدرة على مواجهة الاختراقات الأمنية لنظم المعلومات وتوثيق الأداء التطبيقي التكاملي في هذا المجال.
وقد كان من المخطط لهذا المعهد العمل في ثلاثة اتجاهات تشكل الأنشطة الأساسية التي تشمل البرامج التخصصية المفصلة وهي عبارة عن برامج متعددة في مجال أمن المعلومات والاتصالات وثانية تخصصية نظامية وهي عبارة عن مجموعة مختارة من البرامج والدورات يمكن الحصول عليها من خلال أحد اكبر الشركات العالمية أو مراكز البحوث أو إحدى الجامعات العربية وثالثة للدراسات الأكاديمية.
وكان القائمون على الشركة العربية لأمن المعلومات قد عقدوا آخر اجتماعاتهم في القاهرة خلال أبريل الماضي لوضع خطة العمل اللازمة للشركة خلال الشهور المقبلة دون التوصل لشيء.
وقال المهندس شريف بدر مدير الشركة العربية لأمن المعلومات: إن الشركة تعد نقلة نوعية للقضاء على احتكار الشركات الأجنبية هذا المجال الذي يهدد أمن الدول العربية والعمل على القضاء على الفجوة الأمنية بين الدول العربية من جانب والدول المتقدمة التي تمتلك التكنولوجيات من الجانب الآخر.
وكان الدكتور أحمد جويلي الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية أول من أعلن عن قيام الشركة عندما قال: إن 33 شركة عربية عاملة في مجال المعلومات والاتصالات ستشارك في تأسيس أول وأكبر شركة عربية لأمن المعلومات والاتصالات في الوطن العربي، وأن دعوته لتأسيس هذه الشركة يأتي في ظل الانفتاح العالمي وفي ظل التحديات التي تواجه الأقطار العربية مؤكدا انه بات من الضروري أن يستخدم المستهلك العربي للتكنولوجيا أجهزة لأمن المعلومات عربية الصنع والفكر.
وقال: إن تأسيس الشركة يعد بداية لتفعيل الإنتاج في مثل هذه الصناعة التي أصبحت من أهم المجالات التي يجب الاهتمام بها لأهمية الشعور بالأمان على معلوماتنا واتصالاتنا في وقت نستورد فيه تقنية لا نعرف كيفية حماية أنفسنا منها.
وأضاف جويلي أن الاجتماع التأسيسي الأول للشركة ناقش الأهداف الأساسية الداعية لإنشاء الشركة التي تتركز على العمل للانتقال بمجتمع تكنولوجيا المعلومات العربية من مجتمع استهلاكي إلى مجتمع منتج ومصدر لها.
وأوضح أن الشركة ستقوم بإنتاج أجهزة التشفير وأجهزة حماية المعلومات والبرمجيات إلى جانب عمل شبكة عربية لتعاقدات رجال الأعمال العرب، مؤكدا ضرورة إدراك أن التنامي في سوق أمن المعلومات والاتصالات سيصل إلى 300% من حجم الإنفاق على خدمات أمن المعلومات والاتصالات خلال السنوات الأربع المقبلة وان حجم التسويق العربي سيصل استهلاكه إلى نصف مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
وذكر جويلي أن السعودية والإمارات ومصر تأتي على قائمة السوق العربي بنسبة 80% في وقت يزخر فيه الوطن العربي بالكوادر البشرية المتدربة ورؤوس الأموال التي يمكن استثمارها في مثل هذه الصناعات.
وأوضح أن فكرة تأسيس الشركة كانت قد لاقت ترحيباً كبيراً من جانب رجال الأعمال العرب وانه على الرغم من انضمام 33 شركة إلى الفكرة فإن المجال مازال مفتوحاً أمام الشركات العربية للمشاركة في تأسيس هذه الشركة التي قدر لها معدل عائد داخلي للاستثمار 29% ومعدل عائد داخلي لحقوق الملكية 19%.
دعم التعاون العربي
وأكد جويلي أن تأسيس الشركة والمساهمة في استثماراتها يأتي في إطار خريطة استثمارية جديدة للاستفادة من تريليون دولار يستثمرها العرب خارج الحدود العربية وبعيداً عن الفكر والمناخ العربي مؤكداً أهمية دعم التعاون العربي في كافة المجالات ومساندة أي جهد عربي تنظيمي لإنشاء شركات عربية يمكنها أن تساهم في دعم الاقتصاد العربي وزيادة تدفق حركة رؤوس الأموال العربية إلى المنطقة.
وحول أهمية الشركة أكد الخبراء أن الاستثمارات العربية الكبيرة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات والتي من المتوقع أن تتجاوز 8 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، تستحق أن يتم تأمينها وحمايتها من خلال منظومة عربية، وأن التعاون العربي العربي في مجال تقنية المعلومات ضروري لمواجهة التطور العالمي في هذا المجال، محذرين من المخاطر التي قد تهدد العالم العربي من جراء اعتماده على استيراد نظم تأمين المعلومات خاصة بالنسبة للمؤسسات الحساسة.
وحذّر إدريس التابعي مدير عام مجموعة التقنية المتقدمة من خطورة تداعيات الاعتماد كلية على المنتجات الأجنبية في مجال تقنية المعلومات التي تشمل المعدات (الهاردوير)، والبرمجيات (السوفت وير) والاتصالات على نقل المعلومات العربية واستخدامها، مطالباً بأن تعتمد نظم المعلومات العربية على تقنية عربية خالصة لتأمين المعلومات الاقتصادية والعسكرية خاصة مع تنامي الجريمة الإلكترونية والأنشطة التجسسية الإلكترونية، مؤكداً امتلاك الدول العربية مقومات بناء نظام تأمين وطني للمعلومات.
وقال: إن تأمين مستقبل تقنية المعلومات في الوطن العربي يتطلب ضم استثمارات كبيرة في مجال أمن المعلومات والاتصالات خاصة في ضوء البيانات التي تشير إلى تنامي هذا القطاع في العديد من الدول العربية في مقدمتها مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات بنسب تتراوح بين 25 و35%.
ويقدر مجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية أن معدل النمو في التجارة الإلكترونية عربيا بنحو 15% مقابل 30% عالمياً، حيث يبلغ حجم التجارة الإلكترونية العربية نحو 3 مليارات دولار مقارنة بحوالي 135 مليار دولار عالمياً، ويتوقع أن يبلغ حجم التجارة الإلكترونية العربية المتوقع مع نهاية العام المقبل 5 مليارات دولار مقابل حوالي 35 تريليون دولار عالمياً.
ودعا المجلس الدول العربية لضرورة صياغة تشريعات تنظم هذه النوعية المتنامية من التجارة وتحول دون تعرض مصالح الدول العربية لعمليات قرصنة وسرقة للمعلومات خاصة في ضوء تمتع معظم الدول العربية بفرص هائلة في مجال صناعة البرمجيات ونظم المعلومات وابتكار البرامج وتطويرها.
|