الخِدرْ (بكسر الخاء وسكون الراء) نوع من أصغر أنواع بيوت الشَّعر التي يستعملها البادية سابقاً، وهذا الخِدرْ يشبه أراضي المنح في القرى والهجر التي بها مساحات شاسعة من الأرض مع قلة من يسكنونها، وتلك المنح لا تتجاوز مساحة 625 متراً مربعاً، وهذه المساحة معقولة لو كانت في مدينة مزدحمة مثل الرياض أو جدة أو غيرهما من المدن الكبيرة التي يساوي متر الأرض فيها سعراً خيالياً، لكن أن تكون المنحة في قرية نائية، أو هجرة لا يسكنها سوى أُسرة من أب وجد واحد هكذا فتلك غير معقولة، لعدة أسباب منها، أن العادات والتقاليد في القرى أن الأُسرة كلها تسكن في بيت واحد يضم الأب وأبناءه المتزوجين وغير المتزوجين أيضاً، ولهم طرق في استقبال الضيوف الذين يأتون لتلك القرى والتي لا فنادق فيها، فماذا تساوي ستمائة متر مربع لأُسرة بهذا الحجم وذلك التقليد الاجتماعي، والشيء الآخر أن حكومتنا الرشيدة - وفقها الله - تحرص على تماسك الأُسرة حسبما تعوَّد هذا الشعب العربي الإسلامي، وهنا ما يخالف تلك الخاصيَّة لأهلنا في القرى، حيث إن أهل القرية إذا ما تقدَّم الأب وأبناؤه بطلب منح أراضٍ في قريتهم يعطون تلك المساحة لكل واحد منهم، وهنا تفترق الأسرة إذا كانت المنح بعيدة عن بعضها، فتجد أن الاسماء في الصكوك قد انتقلت من شخص إلى شخص بالتبادل، لكي يكون الأب بجواره أبناؤه، وأحياناً لا يجدون من مُنحت له الأرض أو يكون بينه وبين من يطلبها حساسية فلا يوافق وتبدأ مشكلة التفريق رغماً عنهم.
والقرويون يحبون أن تكون مأكولاتهم من خلال إنتاجهم خصوصاً الخضروات واللحوم أيضاً، فهم قد تعودوا على أن ينتجوا من أرضهم، ومن المستحيل أن لا تجد بيتاً مهما صغر في القرية بدون نخلة أو أترجة أو رمانة قد غرسها فيه، والمساحة التي هي حوالي ستمائة متر ستكون بالنسبة لهم مثل قفص الدجاج الذي يأخذون منه البيض يومياً، وذلك أن الداخل والخارج للبيت كثير، حسبما تقتضيه حياتهم اليومية، وحينما أشير إلى تلك الإشكالية، فإني أضع ذلك الأمر أمام أنظار صاحب السمو الملكي وزير الشؤون البلدية والقروية للنظر في استصدار موافقة سامية تخص القرى والهجر من ناحية مساحات قطع الأراضي التي تُمنح لهم بحيث يُراعى فيها حجم الأُسر وكذا عادات وتقاليد القرويين وأهل الهجر، بحيث لا تقل المساحة عن ألفي متر مربع لتكون كافية لأُسرة كبيرة وسوف تكبر أيضاً، ثم ستكون تلك المساحة مناسبة لروتين وطريقة حياتهم التي تعوَّدوا عليها، وليس هناك ضيق أو شدَّة في المساحات التي تحيط بالقرى، بل هي صحارى واسعة لا يساوي المتر فيها هللة واحدة فيما لو بِيع، فلماذا نضيِّق على المواطن ونحجره في 600 متر مربع، والصحراء تتسع لآلاف المترات، زِد على ذلك أن الذين يتقدمون بطلب المنح لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، فأرض الله واسعة والسكان في القرى قلة، فلماذا لا يكون هناك مراعاة لتلك الخاصية، ثم إن مثل هذا الإجراء سوف يجذب الأحفاد الذين في المدن لأن يتعلقوا ببيوت القرى في المناسبات كالإجازات ونحوها، خصوصاً أنه سيجد بيتاً واسعاً وملحقاً به مزرعة صغيرة تنتج ما يحتاجه البيت مما اعتادوا عليه في مزارعهم، هذا إذا أردنا أن تحتفظ القرية بخاصيتها وأن لا نضطر أهلها للرحيل إلى المدن، لأن المواطن في القرية سيقول: ما الفرق بين 600 متر في القرية أو المدينة، سوف أبتني بيتي في المدينة ولا أخسر هنا في أرض ضيقة لا تساوي قيمتها البناء الذي سوف أجعله عليها، خير لي أن يكون في مدينة أستفيد منه عند البيع أو الإيجار أو السكن، وبذلك يتسلل أهل القرى تاركين قراهم من أجل شيء يمكن أن يقنن ويوضع له ضوابط مجدية.
فاكس 2372911
|