Friday 27th August,200411656العددالجمعة 11 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

يؤذونهم بجوالاتهم يؤذونهم بجوالاتهم
محمد بن زيد بن سعود العثمان /حوطة بني تميم

فرض الله تعالى فريضة الصلاة وجعل فيها قرة أعين المؤمنين وراحة نفوسهم. وهي عمود الدين، وهي الصلة بين العبد وربه جل وعلا. قال عليه الصلاة والسلام: (وجعلت قرة عيني في الصلاة) رواه الإمام أحمد.. بل إن الله تعالى أثنى على الخاشعين في الصلاة من عباده المؤمنين قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (سورة المؤمنون). وذلك لأنهم يستشعرون في كل لحظة من لحظات عبادتهم معنى الوقوف بين يدي الله تعالى ومعنى العبودية له جل وعلا.
وإن المتأمل في أحوال المصلين هذه الأيام فيرى - من بعضهم - عجباً. ألا وهو: ظاهرة ارتفاع أصوات أجهزة الجوالات بالموسيقى والأجراس في المساجد وأثناء الصلاة.. فترى المصلين وقد دخلوا صلاتهم وهم يستمعون لآيات ربهم في خشوع وسكينة. فإذا هم يفاجؤون بتلك النغمات الموسيقية المزعجة تأتي من هنا وهناك وقد آذت المصلين وأشغلتهم عن صلاتهم وعبادتهم وذلك في أحب البقاع إلى الله تعالى بل وفي أعظم ركن في دين الإسلام بعد الشهادتين. ولاشك أن ذلك الأمر أشد حرمة وإثماً. قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} سورة الأحزاب. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقرآن فكشف الستر وقال: (ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً ولا يرفعن بعضكم على بعض بالقراءة) أو قال: (بالصلاة) (رواه الإمام أحمد). فإذا كان هذا النهي يتعلق برفع الصوت بالقرآن الكريم وهو كلام الله جل وعلا، فما بالنا بتلك الأصوات والنغمات الموسيقية. فإن هذا من باب أذية المسلمين في مساجدهم وصلواتهم.. وهنا كله مع ما يلاحظ على المصلين من شدة الغفلة وكثرة السهو وعدم الخشوع في الصلاة. وقد سُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء بهذا السؤال: يوجد في كثير من الهواتف (الجوال) نغمات جرس موسيقية. فهل يجوز وضع هذه النغمات بدلا من الجرس العادي؟.. فأجابت: لا يجوز استعمال النغمات الموسيقية في الهواتف وغيرها من الأجهزة. لأن استعمال الآلات الموسيقية محرم كما دلت عليه الأدلة الشرعية ويُستغنى عنها باستعمال الجرس العادي وبالله التوفيق. (أ.هـ).
إذاً فعلى المصلي إذا أقبل على المسجد وهمّ بالدخول في صلاته وتلاوة آيات ربه ودعائه أن يقطع صلته بالناس وان يقبل على ربه جل وعلا بقلب خاشع. وذلك بأن يغلق هاتفه الجوال أو أن يضعه على وضع (الصامت) قبل أن يدخل في تلك الصلاة. بل وعلى كل مسلم اقتنى هذا الجهاز أن يتقي الله عز وجل وأن يزيل تلك النغمات الموسيقية من جهازه تماماً لما في ذلك من الحرمة والإثم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الجرس مزامير الشيطان). (رواه مسلم).
وإن هذا الموضوع حري بالمناقشة والتذكير والتنبيه وذلك من الخطباء وأئمة المساجد والدعاة إلى الله تعالى والكتّاب والمربين وذلك لفشو هذه الظاهرة في كثير من المساجد والمصليات والتي أصبحت تزعج المصلين وتشوش عليهم أثناء أداء الصلاة.
وقفة:
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (للعبد بين يدي الله موقفان: موقف بين يديه في الصلاة. وموقف بين يديه يوم لقائه. فمن قام بحق الموقف الأول هون عليه الموقف الآخر. ومن استهان بهذا الموقف ولم يوفه حقه شدد عليه ذلك الموقف.. قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا، إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا}. (سورة الإنسان).


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved