Friday 27th August,200411656العددالجمعة 11 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

تُعتبر أمثل الخيارات تُعتبر أمثل الخيارات
المساندة العربية للجهد الإفريقي في دارفور دون مساس بسيادة الوطن
يوسف عمر/بريدة - القصيم

* بات أمر ما يدور في دارفور بغرب السودان موضع تحرك عربي وإسلامي ودولي مختلف المنطلقات والغايات، وترسخت قناعات بأن تسارع ايقاع وصول هذا المشكل إلى الأمم المتحدة، في وقت وقف فيه أمينها العام على حقيقة ما يجري هناك متبوعة بزيارة لوزير خارجية أمريكا، جاء في ظل أجندة غُلفت بدوافع إنسانية.. وحرب الجنوب استمرت عقوداً ولم تطأ أرضه قدم مسئول أممي!!.
* ورغم نجاح مؤتمر وزراء الخارجية العرب الطارئ بمقر جامعة الدول العربية في الخروج بمرئيات ومقررات دون التركيز عما كان للسودان من ملاحظات حولها، فان ذلك يشكل منعطفا هاما في مسار الجامعة وامتحان قدرات العرب في التعاطي مع مشكل عربي تفاديا لذرائع دولية حدثت وتجاربها ماثلة، كشفت زيف ما برر تدخل تلك القوى.. وهل ينجح العرب في تجنيب السودان ذرائع الغرب المتدثر بثوب نظام عالمي جديد اقتضت ضروراته احداث تغيير في خريطة الشرق الأوسط الكبير، وفي إطار المسعى للسيطرة على موارد القارة السمراء؟؟ فتلك الدول لا ترى إلا مآسيها، فيما تغض أجفانها عما يحدث في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها.. إنها أجندة دولية في إطار أحادية القطب، وتأمين منابع الامداد المائي، والنفط، برؤية قارئة لخريطة مهددة بزحف خياراته: السيطرة على الموارد والتدجين والدمج أو الازالة..
وبقدر نجاح العرب في تفعيل ما اتفقوا عليه في طارئ وزراء الخارجية العرب يكون مشكل أو مأزق دارفور السودانية قد وضع في مساره الصحيح رغم طول الطريق ووعورته والاشواك المحيطة به، وحاجته لزاد كثير في سبيل تجاوزها.. وبقدر النجاح في حلها يكون السودان قد أعطى أرضية تمهد لخيار الوحدة بين الشمال والجنوب، والذي أخرج دارفور المنسية الى دائرة الضوء التي كانت تضمد ذات الجراح في إطار نظام الادارة الأهلية وبجهد شيوخ القبائل، وقد استهدف من وضعوها في دائرة الضوء ان يئدوا أفراح الشعب السوداني بالسلام الذي وقع بين طرفيه الشمالي والجنوبي.
ودون نبش تفاصيل ما يدور في دارفور، بداياته، ومسبباته، وخلفياته، ودوافعه ومَنْ هم وراء تصعيده، ولمصلحة مَنْ ما يحدث على أرضها.. إن الاشقاء العرب مطالبون بمساندة تتجاوز بدارفور بذور ما زرعه المخربون انتظارا لحصاده، تعددت الاسباب وممارسات لا مسئولة من فئة تاجرت بمواطنتها، وجد فيها الغرب المدخل والذريعة للتهديد بحل المشكل في شهر! وكم مضى على أمريكا في العراق ولم تنجح في كبح من أسمتهم بالمتطرفين؟! المشهد واحد وإن اختلف الزمان والمكان، ولكن الدوافع والغايات واحدة، لقضية تحمل ذات الابعاد والخصائص وان زادت مساحتها هذه المرة، وهذا وجه الاختلاف، فأُلبست لباسا إنسانيا لا مكان له في أجندتهم مما يحدث في فلسطين والعراق وأفغانستان، متخوفين ان يحدث في دارفور ما حدث في رواندا وبورندي.
والتساؤل الذي يطرح نفسه: لماذا ظل أولئك الذين يتوعدون السودان شراً يتفرجون حتى حدث ما حدث هناك، وكأن ما حدث في دارفور هو المأساة الوحيدة في العالم ولا سواها؟!.
إن أهل السودان مشهود لهم أنهم مهما اختلفوا فيما بينهم وتباينت اعراقهم وألوان طيفهم السياسي، إلا أن كل حارة توحدهم، ودارفور شاهد باعتباره عضوا في جسد السودان، وبشكواه تداعت له كل ولايات السودان بالسهر والحمى، ومن أجله تنادى أبناء السودان حتى من هم بالمهاجر.
نشكر لكل الدول عربيها وإسلاميها وخليجها، ولكل منظمات عونها الانساني التي تنادت الى دارفور وقدمت دعما مهما كان حجمه وشكله.. فالشكر موصول لكل مَنْ وقف على أبعاد المشكلة ميدانيا وتعرف على حقائق الوضع عن قرب وأدرك حجم المطلوب.
ولئن كان من شكر فلخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وحكومته الرشيدة التي كان موضوع دارفور على أجندتها، معلنة ان لغة التهديد تُعقد الامور في دارفور، ودعم الخرطوم ينهي المأساة الانسانية، ودعم الجهود القائمة من قِبَل الحكومة السودانية والاتحاد الافريقي.
وعززت المملكة هذا التوجه بصدور أمرٍ سامٍ قضى بتحرك وفد اغاثي عالٍ وصل الخرطوم والتقى المسئولين، والمفروض ان يكون قد زار دارفور ووقف على أبعاد ما يحدث هناك، فجسد هذا التحرك حميمية العلاقات، وعزز روابط اخوة الاسلام والجوار واللسان العربي.
وتزامن مع تواجد هذا الوفد الاغاثي العالي تواجد وفد إسلامي برئاسة د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي -الامين العام لرابطة العالم الاسلامي-، فكل هذه الجهود ستبقى رمزاً ودلالة على ما يربط المملكة والسودان، وسيكون لها اسهامها الانساني الملموس في ردم هوة سحيقة سيقت اليها دارفور بأجندة غير خفية المقاصد، ولكنها غُلفت كما تُغلف حبوب الكينين المرة التي تُعطى دواء للملاريا.
ولكن هذا المشكل يبقى بحاجة لكثير جهد وقوى عزم وإرادة؛ ليبقى السودان واحداً بوعي ابنائه.. سودان يسع للجميع.. والله نسأل أن يدرأ عن بلادنا ويرد كيد الكائدين في نحورهم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved