لا شك أن الصهيونية تلعب دوراً كبيراً في التأثير على صناعة الإعلام والرأي العام العالمي في وقتنا الحاضر، خصوصاً في ظل غياب عربي مؤثر وخطاب يتسم بالسطحية أحياناً، وعدم المعرفة بواقع التطور الدولي، ناهيك عن كيدية مسبقة وأهداف عدوانية.
ويُعتبر الانفجار الإعلامي أو الثروة الإعلامية امبراطورية إعلامية مترامية الأطراف ولا تغيب الشمس عنها، ففي كل حدثٍ ترى الصحفي والمصور وعدتهما وما يكمل مهمتهما يخاطرون ويغامرون، ليصل الخبر إليك ساخناً لتوه! وأنت في بيتك مسترخياً، بعد وقوعه بقليل، ولعل ذلك أحد أبرز سمات عالمنا الجديد الذي شهد تعاظماًمنقطع النظير للإعلام وتأثيراً مذهلاً لتبادل المعلومات والأخبار والتأثير على العقول والأدمغة!
إن الإعلام نشاط مكتوب ومسموع ومرئي، يروج لأنماط وسلوكيات محددة ويشمل وسائل المعرفة المختلفة ك(الصوت، الصورة، الكلمة، المعلومة، النص، اللوحة، الإشارة الإلكترونية والإدراك الحسي )!
إن حقوق الإنسان وكل ما له علاقة بحرية التعبير من صحافة وإعلام وإبداع وبحث وتجديد وتطوير كلها تشمل التعبير عن الرأي والمعتقد والحق في التنظيم والمشاركة السياسية وتؤثر مسألة احترام حقوق الإنسان في عملية التنمية وامتلاك التكنولوجيا التي هي لازمة للتطور.
إن فشل الإعلام العربي في تقديم صورة إيجابية للعالم عن القضايا والحقوق العربية والقضية الفلسطينية بشكلٍ خاص يعود إلى عدم معرفته بمفردات تكوين العقل الآخر أو عدم استخدامها بشكل صحيح وبشكل خاص العقل الأوروبي أو الأمريكي التي هي بحاجة بعد المعرفة إلى فن وأساليب جديدة ومبتكرة خصوصاً وأن سيل الدعاية المعادية كبير والموروث يكاد يهيمن على العقول في تصورات مسبقة يتم تغذيتها باستمرار!
أعود وأؤكد أنه مازال الإعلام العربي بشكلٍ عام يعتمد على الشعارات الرنانة والنبرة الخطابية ذات الحماسة العالية التي تتوجه إلى مسلمات وعواطف بينما سيأخذ الآخر الأمور بالعقل والتأمل والتفكير وبالطبع بحساب المصالح الحيوية والاستراتيجية، كما يهمل خطابنا الإعلامي العربي بصدد القضية الفلسطينية وغيرها من الحقوق العربية والمسائل الجزئية ويهتم بالشعارات الكبرى مع الكثير من المبالغة والتهويل، منها: التفصيلات حول قضية القدس والجولان وجنوب لبنان وقضية اللاجئين، وموضوع التوطين ومشكلة المياه العربية وقضية المستوطنات ومسألة الحدود وغيرها، كما أقدمت الجامعة العربية وبعض الهيئات والجهات العربية على قيادة حملة ضد هذا التوجه، ونجحت جزئياً في حمل الشركة الإعلامية على إلغاء إعلانها، لكن الأمر يتطلب إلغاء المضمون بحيث لا تستخدمه إسرائيل للتأثير على عشرات بل مئات الملايين من أطفال العالم، كما أن الأمر لا ينبغي التعامل معه على أساس رد الفعل، بل ضمن خطة هجومية سلمية سياسية ودبلوماسية وثقافية وتاريخية واقتصادية... الخ. تعضد الجانب الفلسطيني والعربي من أجل نيل حقوقهما العادلة والمشروعة وتضع العالم أجمع أمام مسؤولياتها.
|