Thursday 26th August,200411655العددالخميس 10 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

إلى جنة الخلد.. يا أبا علي إلى جنة الخلد.. يا أبا علي
حميد بن محمد الحميد- إمام مسجد العُمري ببريدة

وارينا رجلاً نعتبره أحد أعمدة المسجد صلاحاً وصلاةً.. وأحد أعمدة التربية والتعليم عنايةً واهتماماً.. وأحد أعمدة البر والاحسان صلةً وصدقةً.. الشيخ إبراهيم بن سليمان العمري. يعرفه كثيرون، غير أن القريبين منه يعرفون رجلاً مختلفاً.. لا تسل عن قلبه الطيب الذي لا يحمل على أحد.. ولا تسل عن يد سخية تمتد في أي وجه من وجوه الخير.. ولا تسل عن الرجل قربى ورحما وصل بها البعيد قبل القريب.. ولما يزيد عن عشر سنوات صليتُ به إماماً، لا تفوته صلاة، ولا يغفل عن سُنّة، ولا أذكر أني رأيته إلا في روضة المسجد، يؤذن المؤذن فينشغل باله حتى يستقر إذا استقر أقرب ما يكون من الإمام.. سنوات مضت قضيتها معه كأحد أبنائه، أراجعه في شئون المسجد والناس ولا أنتظر منه دائماً إلا خيراً.. وحين أقعده المرض عن المشي لم يقعده عن الصلاة وحضور الجماعة، فظل سنوات في مكانه الذي كان ايام صحته وقوته، يأتي يدلف به أحد أبنائه ليصلي مع الناس ويسأل عنهم، وإذا ما خرج ترى من يسلم عليه سائلا عن صحته مقبلا رأسه، وآخرون وهم كثر ممن ألمَّت بهم حاجة لا يرجع أحد ممن جاء إلا وحاجته قد سدت، ويمينه من يمين ذلك الرجل الصالح قد امتلأت.
ولسنوات عدة رعى حلقات القرآن في المسجد، ولسنوات عدة تولى الانفاق على افطار الصائمين في المسجد.. وأجد حرجا حين يقدم لي أحد الفضلاء تبرعا للافطار، فوالدنا الشيخ إبراهيم أخبرني ان الافطار كاملا عليه ولو بلغ ما بلغ.
ولئن كان الناس شهود الله في أرضه، كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم، فلا أعرف عن قرب رجلا أحق بشهادة الخير والبذل والاحسان مثله، وأكثر المتحدثين يذكرون في هذا الجانب قصصا وأحداثا تنبئ عن رجل محب للانفاق باذل في سبيل الله. ومما استظرفته ان رجلا ذكر ان الشيخ أجّر عقاراً لأحد الناس، وحين أتى موعد السداد قدم الى الشيخ فذكر له المستأجر ضيق الحال وطلبه أن ينظره، فما كان من الشيخ -رحمه الله- إلا أن مد يده الى جيبه وأخذ منها ألفي ريال ودفعها للرجل وانصرف!
أبا علي.. لا يسعنا إلا أن ندعو لك بالمغفرة والرحمة، ونسأل الله ان يجمعنا وإياك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، وإنا على فراقك يا أبا علي لمحزونون.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved