الماء العذب مورد حيوي لا غنى عنه، بيد أن هذا الماء الذي هو مصدر للحياة كلها يختلف عن الموارد الأخرى، من حيث إنه لا بديل له، إذ إن النشاطات اليومية كالشرب والاغتسال وريّ المحاصيل تعتمد جميعها على موارد المياه، بيد أنه نتيجة للضغط السكاني فإن نصيب الفرد من الماء العذب آخذ في التناقص المستمر، بل حتى ان البلدان التي اعتادت وجود وفرة من الماء فيها، تعاني حالياً أو ستعاني في القرن القادم من عجز لا يُعرف مداه، فإلى أي مدى سنمضي وما الثمن الذي سندفعه جراء هذا الاستهلاك المتزايد للمياه.
لقد زاد استهلاك المياه على المستوى العالمي عشرة أضعاف منذ بداية هذا القرن وتُعزى هذه الزيادة المتفجرة إلى اتجاهين مترابطين: تضاعف عدد سكان العالم نحو أربع مرات، من 1.6 بليون عام 1900م إلى 6.2 بليون متوقع الوصول إليها عام 2000م، وازدياد استهلاك الفرد من المياه من جميع الأغراض 400م3، بينما تضاعف هذا الرقم عام 1990م، وفي البلدان النامية بلغ معدل الاستهلاك الشخصي السنوي بالنسبة لاحتياجات الزراعة والصناعة والاستعمال المنزلي نحو 1200م3 من الماء العذب.
إن الارتباط ما بين مستوى المعيشة واستهلاك المياه ارتباط وثيق للغاية فعند مقارنة مستويات التنمية قد يتفاوت الطلب على المياه تفاوتا كبيراً.
ويعتمد أي انخفاض في الاستهلاك المنزلي أساساً على سلوكيات المستهلك. لذا فمن واجب البلديات تقديم المعلومات التي تجعل الناس على وعي بمسؤولياتهم.
إن وسيلة علاج ندرة الماء لا تتأتى من خلال التخفيض الحاد في نمو السكان، أو من خلال التخفيض الحاد في الاستهلاك، ولكنها تتأتى من خلال توحيد للإجراءين، السكان والاستهلاك، يتسم بالحكمة والترشيد.
والمضي بلا تخطيط، كما هو حادث على نحو واسع في الوقت الراهن، سيكون أمراً غير سليم، نظراً للتهديدات الوشيكة لندرة المياه، وتوقي السلامة خير من الوقوع في الندم. إن علينا أن نطبق المبدأ الوقائي.إن المستقبل يكمن في تطوير استخدام ماء قليل الملوحة وتكرير ماء النفايات، وملاحقة للثورة الخضراء. ومن ثم، فإن الوقت قد حان للثورة الزرقاء.
*عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية |