Thursday 26th August,200411655العددالخميس 10 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

ازدواجية التعليم العالي!! ازدواجية التعليم العالي!!
عبدالله بن سالم الحميد

- من أفضل النعم المتاحة للإنسان (التعليم الميسر) الذي يرتقي بالوعي والتنمية الذاتية إلى منابر أسمى، ومن أجلّ الخدمات التي تقدمها مرافق التعليم انسيابية التعليم في مرونة وانتظام مسكونين بالإتقان والوعي والانضباط في السلوك والتربية والأداء والمنهاج.
- ومجانية التعليم المتاحة منذ البداية (الابتدائية) ينبغي ألا تنعكس على آفاقها الصور السلبية للمجانية المجردة من النقاء والسمو والانتماء والمصداقية، وإلاّ فقدت خصوصيتها وصفاءها ومثاليتها، وجدواها.
- مقدمةٌ لا بد منها لبيان أهمية توفير التعليم لطلابه من مرحلة البداية إلى أقصى مرحلة يمكن أن يصل إليها طموح الإنسان في وطنه.
- والتعليم يأتي في أولويات واجبات الدول مثل الصحة والأمن والرعاية والتربية والضمان في نطاق التخطيط والتنظيم والحكمة والانضباط والعدالة الاجتماعية.
- وعناية الدولة - رعاها الله - بالتربية والتعليم حقّق نماذج شتى في الارتقاء بمستوى المواطن وتشكيل طموحاته وأوجد نسيجاً من التناغم مع برامج التنمية والتفاعل والإبداع في قنوات متعددة.
- وكان التوجّه إلى (التعليم العالي) أحد أهم مبررات التنمية الرائدة والارتقاء الواعي، والتمازج الحضاري الأمثل مما يحرّض على مزيد من الاهتمام به وتكثيفه من حيث النوعية وتوفير القنوات اللاّزمة الضرورية له في نطاق اهتمام الدولة بتوفير نماذجه وتسيير برامجه وتسخير الإمكانات والكوادر والطاقات لاحتضانه دون مشقة وتكلفة على راغبيه لتنعكس الإيجابية والمرونة على المجتمع والأمة بما يفيد ويوفّر نماذج الإنتاج والإتقان، واستمرار التنمية والارتقاء متواشجة مع الأهداف النبيلة السامية.
الرؤى
ومن الشفافية المبررة ينبثق الرأي الهادف إلى إيضاح السلبيات والمعوقات لإمكان معالجتها لتفادي تعثّر خطوات راغبي الارتقاء في التعليم عبر (برامج التعليم العالي) التي وفّرتها عدد من الجامعات، والبرامج والدورات التأهيلية التي ينبغي أن توفّر في اختصاصات شتى لتلبية حاجة المجتمع إلى الاكتفاء الذاتي من مخرجات التعليم والارتقاء النوعي والتأهيل المقنع للطلبة الجامعيين، وإفادتهم، وإفادة المجتمع منهم أعضاء فاعلين مؤثرين في نسيجه.
- ومن الملاحظ أن (معهد الإدارة العامة) قد وفر عدداً من البرامج والدورات التأهيلية الاختصاصية للطلبة الجامعيين، وطلبة الثانوية العامة لتشكيل مخرجات التعليم من حيث النوعية والاختصاص، وقد نجح في هذا التوجّه، وحبّذا لو كثّفت هذه التجربة بعد ضمان نجاحها وتحقق الجدوى منها نوعية وزمناً وحضوراً.
- وفي (كلية الدراسات التطبيقية وخدمة المجتمع) التابعة لجامعة الملك سعود بالرياض تمّ توفير عدد من الدورات والبرامج الاختصاصية مقابل رسوم باهظة على الطلبة والطالبات وبخاصة (حديثي العهد بالتخرّج) ممن ليس لهم دخل مادّي من وظيفة أو ضمان يمكنّهم من العيش ودفع هذه الرسوم التي تتراوح بين (ألفين إلى ستة آلاف وخمسمائة ريال للفصل الواحد) مما يؤيّد طرح التساؤل بكل براءة وشفافية عن دعم طموحات هؤلاء الشباب من ذكور وإناث وتشجيع التّوجهات الواعية للتأهيل والتخَصص في الدراسات العليا في نطاق خدمة المجتمع؟!
- وإذا كانت الجامعة تدفع (مكافأة شهرية) لكل طالب وطالبة لاستقطابهم وإعانتهم على استمرارهم وانتظامهم التعليمي فكيف تأخذ منهم أضعاف ما منحته لهم، وكان الأولى أن تستثمر هذه الطاقات وتستقطب أكبر حجم لتضخها في ميدان العمل بعد تأهيلها في برنامج الدراسات العليا والاختصاصات الفنية والإدارية وغيرها لمصلحة المجتمع؟! ولتستقطبهم من منافسة التعليم في القطاع الخاص الذي لا يستطيع اقتحام أروقته غير القادرين مادّياً؟!
المقترحات
لهذه الأسباب والمسوّغات والمبررات الآنفة وتناغماً مع السياسة التعليمية الحكيمة الهادفة إلى إتاحة فرص التعليم في مراحله المتوالية ومستوياته المختلفة لكل طالب علم في شتى المستويات، أطرح المقترحات التالية:
أولاً: المبادرة إلى إلغاء الرسوم المادية على الطلبة والطالبات الراغبين في (برامج الدراسات العليا) والدورات التأهيلية والفنية والتدريبية لتحقيق أهداف توطين التعليم وتوطين الوظائف، والتأهيل الاختصاصي الأمثل.
ثانياً: لدعم التوجهات الطامحة للتأهيل الواعي أقترح صرف مكافأة مادية في نهاية اجتياز (البرنامج التأهيلي) أو (الدورة التدريبية) أسوة بمكافأة الدراسات العليا التي تصرف للجامعيين بعد تقديم الدراسة العلمية والحصول على إجازتها.
ثالثاً: العمل على إيجاد (صندوق اجتماعي) للطلبة والطالبات غير القادرين على مواصلة دراستهم التأهيلية العليا لظروفهم الخاصة وحاجتهم الفعلية للمساندة، ويمكن أن يحتوي الصندوق على قنوات وأقسام متعددة للدعم والإقراض، يمكن تمويله من الدولة والقطاع الخاص، والبنوك لتلبية حاجة هذه العناصر الطموحة، والإسهام في إزالة المعوّقات من طريقها.
رابعاً: المبادرة الفعلية إلى توفير فرص التعليم العالي والتدريب والتأهيل الطبي والفني بيسر ومرونة تضمن تغطية الحاجة الراهنة والمستقبلية، وتكفل توفير نوعية اختصاصية تحتاج إليها مرافق الدولة ومستشفياتها وقنواتها التعليمية والتربوية والفنية، ولتفادي اضطرار الناس إلى الدراسة العليا في خارج المملكة لما لذلك من انعكاسات ومحاذير سلبية معروفة.
- من هواجس الواقع المشهود، والضرورية الفعلية الملموسة طرحتُ هذه الرؤى والمقترحات متطلعاً إلى أفق أمثل لردم الفجوة بين ما يطمح إليه الإنسان في بلادي - وبالإمكان الوصول إليه بوعي ومرونة - وبين واقع لا بُدّ فيه من وجود معوقات وسلبيات تدفعنا المصداقية والشفافية والضرورة الماثلة في ميدان الحوار والرأي المشترك أن نبوح بها لتفادي (الازدواجية) التي تمزج بين الرغبات والأهداف فتعيق الوصول إلى الغايات المثلى، وفق الله المخلصين إلى استشراف آفاق الحكمة الواعية والصواب المأمول.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved