Thursday 26th August,200411655العددالخميس 10 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

فيض الضمير فيض الضمير
عقد النكاح.. وراتب الزوجة!!
د. محمد أبو بكر حميد

الزواج ليس عقد ملكية يمتلك فيه الزوج الزوجة، ولكنه سمي شرعاً (عقد نكاح) بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فالزوج لا يمتلك منها إلا ما ما يتطلبه هذا العقد، وما تتطلبه موجبات المحافظة عليهن فعليها حق طاعته في حدود هذ العقد، وهو أن تجنب كل ما يخدش شرفه أو يجرح كرامته، وووب طاعتها لزوجها في هذه الدائرة، وفي حدود ما لا يغضب الله لا يلغي شخصيتها ولا فكرها ولاحقها في التصرف بمالها. هذا ما يجب أن يفهمه بعض الأزواج الذين يظنون - لا شعوريا - سواء كانوا من المتعلمين أو غير المتعلمين أنهم بموجب عقد النكاح قد امتلكوا كل شيء من زوجاتهم، فيلغي شخصية زوجته، ويصادر رأيها وفكرها، ويعطي نفسه حق امتلاك مالها وحق التصرف فيه دون إذنه، فإذا قيل له: لماذا؟ قالت زوجتي: وأنا حر فيها، وهذا جهل ما بعده جهل.. جهل بالشرع، وبحدود حقه كزوج في زوجته.
وقد أدى هذا إلى ما نسمعه من تصرف بعض الأزواج - أكثرهم بحسن نية طبعا - في رواتب وممتلكات زوجاتهم معتقدين أن التوكيل الذي تعطيه الزوجة لزوجها يخلو لهم حق التصرف دون إذنهن.
أن التوكيل الذي تعطيه الزوجة الموظفة لزوجها أعطته لضرورة تقتضيه ظروف المجتمع الذي تعيش فيه؛ لأنها لا تستطيع حرية الحركة التي يستطيعها الرجل، وليس لأنه ليس من حقها التصرف فيما تملك بنفسها، فالشرع يوجب على الزوج أن لا يتصرف فيما بيده من مال زوجته إلا بإذنها وبرضاها، ولا يعيبه أن يستأذنها في مالها فهذا أقرب للتقوى، وأقرب للحب، واحتراماً (للشراكة) التي بينهما وهي (الشركة) التي يقتضيها عقد النكاح بينهما، ولهذا سمي الزوج شريك الحياة، وليس شريك المال.. وعلى العكس فإن الزوجة شريكة الحياة والمال معا في زوجها، ذلك لأن لها حقوقاً ولأولادها حقوقاً فيما يملك.
والحقيقة أن عقد النكاح إذا ترجم بين الزوجين إلى عقد شركة حقيقية يشارك كل زوج فيها الآخر.. عواطفه وحبه وحياته ويعايشه واقعه وطموحاته، الغت هذه المشاركة الحميمة كل الحواجز بينهما، وتوفرت الثقة التي تجعل كلا منهما يشعر أنه الآخر، وإذا شعرت المرأة بهذا.. إذا شعرت أنها الوحيدة المتربعة على عرش قلب الرجل، وإذا شعرت باحترامه لشخصيتها وفكرها ورأيها وحقوقها.. فإنها حتماً ما دامت قد أعطته قلبها ومنحته نفسها لن تبخل عليه بمالها وهي ترى أن هذا المال يبذل في بيتها ومن أجل سعادتها في هذا البيت.
فبذل المرأة مالها في بيتها ولزوجها تطوع وليس واجباً، فلا يظن الزوج الذي يسمح لزوجته بالعمل خارج البيت أنه قد أصبح شريكاً لها في رأتبها إلا بإذنها وباتفاق مسبق بينهما إذا رضيت به، وهذا لن يحدث حتماً في بيت يقف فيه الزوجان على أرض صلبة من الثقة، وينعمان فيه بثمار الحب.
إن الزوجة التي تعيش في مثل هذا المنز السعيد مع زوجها الذي يعبر عن احترامه لها باحترام شخصيتها وحقوقها، ويعبر عزة نفسه وعفة شخصيته فلا يمد يده لمال شريكة حياته، وعندئذ لن تتركه هذه الزوجة يحتاج لغيرها، ولن تترك شيئاً ينغص حياة زوجها وأطفالها ونفسها، أنها ستعطيه قبل أن يحتاج لأن ذلك احتياجها، فالمرأة عندما تجد الثقة والحب والأمان تهب كيانها وحياتها، وكل ما تملك لمن تحب بلا تردد وبغير حساب!!.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved