حين لا يكون في النَّبع سوى رحيق العسل، ولا في اللِّحاء سوى شذى الزهر، وتتماهى بك منعرجات الجبال كي تستوي الطّبيعة بين عينيك كتاباً أخضر لا تملك غير أن تتأمَّله، فتقرأه...
حين ذلك، وانفلاتة البسمة مارقة في عنوة الفرح إلى شفتيك،
وهديل حمامة تردِّد على مسمعك شيئاً من النِّداء...
أيُّ سرٍّ، في طبيعة تركيب هذا الكون، وكلُّنا سادرون في التِّيه
لم يكن السفر غايةً
ولم تكن العودة رغبةً
ولم يكن بينهما خيالُ شاعر...
ولا أوهامُ ناثِرْ...
كلُّنا في معيَّة النَّواقيس نطبِّل على قارعة دروب هدَّها رهق الكبد في طبيعة الحياة، وفي قدر الإنسان...
وكلُّنا عند التفكير لا تأخذنا سفن الخيال إلى حيث نفصل عن لحظة وأخرى، إحداهما نتكوَّر كالأطفال بجوار النَّبع عند ساق منحدرة في جبل أخضر، وأخرى ننطلق بعنوة القهر من صَهْد نار زجَّها في الطريق واحدٌ من شياطين الإنس أو حتى أمارة النَّفس والحياة لنا: إمَّا منَّا شرُّها وإمَّا من سوانا، كما أنَّ ما فيها من الخير فبفضل من الله تعالى...
عند نبع العسل
وعند لهب الأمل
تحترق فينا رغبة الارتواء، أو الخلوص
وحين نخلص من مغبَّة اليأس إلى براح الأمل، لا شكَّ ستحلو الحياة هنا أو هناك، وربَّما تعيرنا النَّحلة مذاق العسل.
|