الماء من أعظم النعم التي أنعم الله بها على العباد، ورغم أن الماء يغطي حوالي ثلثي مساحة الكرة الأرضية ورغم تعدد مصادره إلا أن أولى الحروب بدأت نزاعاً على مصادر الماء.
الماء ثروة، الماء أمانة، الماء نعمة، الماء... إلخ.. شعارات نطلقها وتصرفاتنا أبعد ما تكون عن ما تتضمنه هذه الشعارات.. لا أحد ينكر أهمية الماء للحياة ولن أدخل في سرد ما يقوله الأطباء في ذلك، وأكتفي بأن الجميع يدرك أهميته، ولكن لنقف جميعاً عند نقطة هامة ألا وهي إن جميع دول العالم تسعى جاهدة لتأمين احتياجاتها من المياه.تسعى حكومتنا الرشيدة سعياً حثيثاً لتأمين احتياج المواطن من المياه منذ عهد المؤسس- طيب الله ثراه- وحتى يومنا هذا والمتتبع لتاريخ المياه في المملكة يعلم أن الحصول على احتياج الفرد من المياه يتبعه مشقة عظيمة.
حيث إن الماء يجلب للمنازل بواسطة ما يعرف بالسقا بعيداً عن أبسط المتطلبات الصحية.. وبالنظر إلى ما كان عليه أجدادنا وما نحن عليه الآن نجد بوناً شاسعاً من حيث نوعية المياه ووفرتها.
لا شك أن الحصول على الماء أصبح أسهل من ذي قبل، ولكن لا يظن القارئ الكريم أننا نحصل عليه بسهولة فتح الصنبور، وإنما بيننا وبين قطرة الماء التي تصل إلينا مسافات من الجهود المضنية وتكاليف باهظة أكبر من كل التوقعات، من هنا ندرك تماماً أن هذه أمانة سنسأل عنها يوم القيامة، ونعمة جدير بأن نشكر الواهب عليها.
إن ما يقع فيه البعض من تصرفات غير مسؤولة بدءاً من التفريط في صيانة الشبكات المنزلية وانتهاءً بالاستهلاك الجائر الذي ينم عن عدم الإحساس بعظم المسؤولية التي تقع عليهم تجاه ربهم أولاً ثم تجاه ما يقدم لهم من جهود في سبيل إيصال الماء لمنازلهم.
وكما أن المواطن مطلوب منه تقوى الله في هذه النعمة كذلك المسؤول من الوزير وحتى آخر موظف في مصلحة المياه.المحافظة على المياه واجب وطني بالدرجة الأولى ومنع هدر المياه مسؤولية الجميع فلا يمكن القبول بإلقاء اللائمة على المستهلك في إهدار المياه مع إغفال تساهل المصلحة في معالجة الهدر اليومي جراء تهالك الشبكة.إن وزارة المياه هي المسؤول الأول عن برنامج كامل شامل لترشيد استهلاك المياه ووضع آلية لتطبيق هذا البرنامج ولنا فيها قدوة حيث أوردت في موقعها على الشبكة الإلكترونية كلاماً جميلاً عن نبذ الإسراف، وكذلك أهدافها من ترشيد استهلاك المياه.
إلا أن الوعظ والإرشاد وحده لا يكفي لأن نمنع الهدر في المياه ولا يعفينا كمسؤولين أمام الله عن التساهل في منع هذا الهدر، لذا أرى أنه يجب إعادة النظر في تسعيرة المياه وفي توزيع الشرائح بما يكفل مجانية الماء للفقير ومحاسبة المسرف، ولا يعتقد القارئ الكريم أن المجانية هذه هي إعطاء الماء بدون سعر، ولكن إعادة ترتيب الشرائح بحيث يعطى كل منزل مقدار 10 أمتار مكعبة من الماء كل شهر مجانياً وما زاد عن ذلك يحسب كل متر مكعب ب 10 هللات بقدر 50 متراً مكعباً في الشهر، وما زاد عن ذلك يحسب كل متر مكعب بريال بقدر 50 متراً مكعباً وما زاد عن ذلك يحسب كل متر مكعب ب 10 ريالات بقدر 50 متراً مكعباً وما زاد عن ذلك يحسب كل متر مكعب ب 50 ريالاً وهكذا، والإنسان الذي يستعمل الماء استعمالاً منطقياً ويحافظ عليه ولا يسرف في استخدامه، أجزم أنه لن يتأثر أبداً بهذه التسعيرة لأنه سيكون داخل نطاق الصرف المعقول.
قد يقول البعض أن هذا الاقتراح مجحف بعض الشيء ولكني استميحكم عذراً بسؤال بسيط لو تأخر وصول الماء من الشبكة فترة بسيطة واضطر بعضنا لإحضار الماء بواسطة الوايت، علماً بأنه مدعوم من قبل الدولة.. كم سيدفع للمتر المكعب الواحد؟.. أترك إجابة السؤال لكم!!.
بقي نقطة واحدة لماذا لا توثق الوزارة بعض التجارب الشخصية الناجحة في المحافظة على المياه؟.. ولماذا لا تدعم الأبحاث التي تسعى إلى إيجاد بدائل وحلول منطقية للمحافظة على المياه؟.. وأقصد بالتجارب الشخصية ما كتبه الأستاذ عبدالله الجعيثن في أحد مقالاته عن تجربة ناجحة في المحافظة على المياه المستخدمة في سقيا الحدائق، حيث إنه يوضع مادة بلاستيكية على عمق 50سم من سطح التربة المزروعة بالعشب لكي تمنع تسرب ماء السقيا إلى باطن الأرض، وبالتالي منع الهدر والتقليل من مرات السقيا.
أرجو أن نكون جميعاً صفاً واحداً ويداً واحدة للمحافظة على هذه النعمة.. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
|