هل هناك أي علاقة إيجابية بين التفوق الدراسي والإبداع بكافة أنواعه التقنية والإنسانية والأدبية.. الخ؟ بمعنى هل ارتفاع معدلات التفوق الدراسي يصاحبه بالضرورة ارتفاع طردي بمعدلات الإبداع والابتكار والاختراع؟
شخصياً.. أقر ابتداء بأنني لم أقرأ من البحوث العلمية في هذا المجال ما يكفي للإجابة عن السؤال المطروح آنفاً، غير أن الشواهد المعاشة في الماضي والحاضر تكاد تشهد بأنه ليس بالضرورة، أن يرتبط الإبداع بالتفوق الدراسي وأقصد بهذه الشواهد العديد من القصص التاريخية المتمحورة حول إبداع العديد من العلماء (البلداء!) دراسياً والنابغين في حلبات ومسارح الاختراع والابتكار والأدب، فمن المشهور تاريخياً أن العالم (جيمس وات) مخترع الآلة البخارية والتي زرعت البذور لبزوغ نجم الثورة الصناعية في أوروبا كان من أضعف الطلاب حتى إن أساتذته كانوا يتندرون على غبائه الدراسي واصفين إياه بالأبله وغير الكفء، ومثله العالم أنشتاين - مخترع نظرية النسبية - الذي كان من أضعف تلاميذ صفه تحصيلاً علمياً إلى الدرجة التي نبه فيها أحد مدرسيه حينما كان في العاشرة من عمره بقوله: (انشتاين.. لن تكون شيئاً.. أي شيء في المستقبل)، ومن المعروف أيضاً ان الروائي البريطاني الشهير (تشسترتون) كان من أبلد نظرائه في المدرسة حتى إن أستاذه في المرحلة الابتدائية قد أكد له بما معناه (لو تمكنا من فتح رأسك فلن يطالنا العجب إن لم نجد لديك مخاً.. ووجدنا بدلاً من ذلك كتلاً من الشحم الأبيض!).. ومن منا يجهل اسم عالم البيولوجيا الشهير (داروين) القائل بنظرية الانتخاب الطبيعي والذي كسابقيه لم يمنعه تخلفه الدراسي من أن يقلب موازين التاريخ علمياً بنظريته المذكورة رغم أن والده قد خاطبه ذات (سنة دراسية) بقوله: إنك ستخلق لعائلتك عاراً لا حدود له...
واشتقاقاً مما سبق استعراضه تبرز التساؤلات التالية: هل هناك علاقة بين الموهبة والتفوق الدراسي؟ وحين نقول بذلك.. ألسنا نغفل العديد من المتغيرات الفاعلة والمهمة هي الأخرى في العديد من مجالات الاختراع والابتكار والإبداع؟ ومتى سوف يكون التعليم لدينا ركناً - من الأركان العديدة - للعملية التعليمية، التربوية، الإبداعية؟
|