قال قائل موثوق بقوله: إن كثيرين من أعضاء هيئة التدريس سوف يحاولون على التقاعد لبلوغهم السن النظامية، وأضاف أن الجامعة سوف تجد حرجاً في البديل لهم. أ.هـ. هكذا قال القائل، أي أن لا بديل جاهزاً للمدرسين الذين سيحاولون على التقاعد، وأقول رحم الله زماننا نحن الذين تجاوزنا عتبة الأربعين خريفاً من العمر، فقد كان مدرسونا كباراً في السن وكباراً في العلم وكباراً في الأخلاق، وغادرنا الجامعة وهم يتوكأون على عصيهم ويفحون فحيح الأفعى مع سلالم الجامعة أو الكلية، بل إن كحّة المدرس في الفصل توقظ النائم منا!! ولم نعرف شيئا اسمه تقاعد أعضاء هيئة التدريس، لأن العلم لا يتقاعد إلا إذا تقاعد النفس والصوت والبصيرة فقط.
والذي أقترحه على الجامعات هو أن تتعاقد مع أعضاء هيئة التدريس براتب مقطوع يليق بهم، لا أن تقول: البند لا يسمح، فلو قالت ذلك لسمح البند لأن تتعاقد مع غير سعودي براتب يضاهي راتب السعودي المتعاقد أربع مرات، لأن هناك بدل سكن وبدل تذاكر وبدل وبدل... الخ، فيقعون فيما يهربون منه، وما دام الأمر كذا فكما قيل: (سمننا في دقيقنا)!!
على أن هذا الحل هو حل مؤقت، فالجامعة مسؤولة عن تكثيف وظائف المعيدين وتخفيف شروط الإعادة قبل أن تحل بأعضاء هيئة التدريس عدم الاستفادة، وكان الواجب أن يكون هذا الاحتراز قبل الآن، لأنه لو كان التخطيط سليما لما وقعت الجامعات في مثل هذا المأزق الخطير؛ وأذكر أني تقدمت للدكتوراه في الإدارة المدرسية، فقيل إن الوظائف المخصصة لا تتجاوز أصابع اليد، منها اثنتان لمعيدين، والبقية يتسابق عليها 42 طالباً، فماذا ستفعل خمس وظائف لأجيال قادمة مثلا؟؟.
وحينما نقول تعاقدوا معهم، فهذا لا يعني أن تكون الجامعة مأوى للمتقاعدين من الذين أنهكم السبت والأحد ومرور الدهر وما فقد، لأن الناظر بعين فاحصة لمجلس الشورى سيرى أن أغلب الأعضاء هم من أصحاب العصي التي يتوكأون عليها، وبعضهم لا يستعملها عند الحضور للمجلس لئلا يقال إنه: انتهى. وهذا ما أخاف أن يتكرر في الجامعات، فالإنسان مهما ضعف فهو سوف يستقوي ويظهر شبابا، ثم ألا يوجد جيل في هذا البلد المعطاء يعتمد عليه بدلا من كبار السن الذين يجاهدون الشيخوخة بالفحيح عند النزول من سياراتهم الفارهة أو الدخول إلى عتبات العمل؟
قد قيل سابقا في أمثال العامة (أن السمن في العتاقي) أي أنه في الكبار من ذوات الشحم!! لكني أعتقد أن العالم تغير وصار شاباً ومتحركاً ويريد نشاطاً لا يقدر عليه المتقاعد الذي قد يموت وهو قاعد، وهذا لا يعني أننا لا نقيم وزناً لهم، بل بالعكس هم الآباء الذين بنوا في زمن التعب، لكن نحن نقول: أعطوا الشباب فرصته ليعمل فقط.. واستريحوا وأريحوا.
أعان الله الجامعات التي لم تنتبه لمشكلة بلوغ أعضاء هيئة التدريس السن النظامية للتقاعد، وأعان الله المدرسين الذين فرحوا بالتقاعد لكن مهمة وواجب الوطن يحتم عليهم الاستمرارية بشكل آخر لا أن يرتاحوا...
فاكس : 2372911
|