في مثل هذا اليوم من عام 1939 قامت ألمانيا والاتحاد السوفيتي بتوقيع معاهدة عدم اعتداء أذهلت العالم بسبب التناقض الصارخ بين أيديولوجية الطرفين، وعلى الرغم من ذلك، كان كلاهما يتصرف بما يتوافق مع احتياجاته السياسية الخاصة، فبعد الغزو النازي لتشيكوسلوفاكيا، كان على بريطانيا أن تقرر إلى أي مدى يجب عليها التدخل وإلى أي مدى سوف يستمر هتلر في التوسع.
ورئيس الوزراء نيفيل شامبرلين، الذي كان محايدا في بادئ الأمر عندما استولى هتلر على (سوديتنلاند)، تلك المنطقة الناطقة بالألمانية في تشيكوسلوفاكيا، سرعان ما استشعر خطورة الأمر عندما أصبحت بولندا على حافة الهاوية.
وقد أوضح أن بريطانيا سوف تكون ملزمة بالوقوف إلى جانب بولندا في حالة قيام ألمانيا بالاقتراب منها، لكنه كان يرغب في حليف، وكانت القوة الوحيدة الكبرى التي تستطيع الوقوف في وجه هتلر ولها مصلحة شخصية في ذلك، هي الاتحاد السوفيتي، ولكن ستالين كان فاتر الحماس بالنسبة لبريطانيا بعد أن تم تجاهل محاولاته لإقامة تحالف سياسي مع بريطانيا وفرنسا ضد ألمانيا قبل عام.
ومع ذلك، كان زعماء بولندا غير مبتهجين باحتمال دفاع روسيا عنهم لأن ذلك كان يعني ببساطة وجود احتلال آخر بواسطة نظام أكثر بشاعة، وقد اعتقد هتلر أن بريطانيا لن تجرؤ على مواجهته منفردة لذلك قرر أن يزدرد بغضه للشيوعية وأن يضع يده على مضض في يد الديكتاتور السوفييتي، وبذلك يفوت الفرصة على بريطانيا، وقد كان كلا الجانبين متشككا في الآخر، وينبش في الأمر للعثور على دوافعه الخفية التي تدفعه للقيام بذلك.
وكان هتلر في عجلة من أمره، فقد أدرك أنه إذا كان عليه اجتياح بولندا فيجب عليه القيام بذلك بسرعة قبل أن يتمكن الغرب من تكوين جبهة موحدة للوقوف ضد أطماعه التوسعية.
وقد سافر وزير خارجية هتلر، جواكيم فون ريبنتروب، إلى موسكو حيث قام بتوقيع معاهدة عدم اعتداء مع مثيله السوفيتي، في إم مولوتوف (ولذلك يشار إلى المعاهدة أحياناً باسم معاهدة ريبنتروب ومولوتف)، ولكن بمجرد نجاح الألمان في احتلال بولندا، سرعان ما انهار التحالف.
|