تطالعنا بين الحين والآخر أصوات ملأها الحقد على الإسلام وتعاليمه وأحكامه، هي أشبه بمن يدس السم بالعسل؛ مضمونها: الرحمة بالإنسان والشفقة عليه. وغايتها: تعطيل حدود الله عز وجل أن تقام على عباده.
وفي النقيض الآخر: نسمع أصواتاً تطالب بإيقاع الحدود الشرعية بدون تعقل أو روية، دون النظر إلى توفر شروط إقامة الحد على الجاني، أو انتفاء الموانع عنه.
بل قد (تدعو أصحاب القرار إلى عدم التساهل في الأمر وإلى التشهير بالمجرمين، وتصوير الأيدي المقطوعة في الصحف والتلفاز)!! كما كتب أحدهم في صفحة عزيزتي الجزيرة العدد (11646) بتاريخ 1-7-1425هـ. وما علم اخونا الكاتب - وفقه الله - أن لكل قضية ظروفها وملابساتها التي لا يعلم عنها إلا من وقف عليها وأشرف على سيرها من المحققين والقضاة - وفقهم الله -.
فمثلا جريمة السرقة لا يقام الحد الشرعي فيها إلا بإقرار المتهم نفسه - إقرارا شرعياً معتبراً - ومواصلته على إقراره وعدم الرجوع عنه حتى إقامة الحد عليه، أو بشهادة الشهود العدول الذين يطمئن الناظر في القضية إلى صدقهم وعدالتهم.
ثم إن لإقامة الحد على السارق شروطاً كثيرة ينبغي توافرها في السارق، والمسروق، والحرز.. يضيق المقام بذكرها وتفصيلاتها وأقوال العلماء فيها، وهي معروفة لأهل الاختصاص ممن يباشرون تلك الجرائم، ويحققون فيها، ويصدرون الأحكام عليها.
ثم إنه لا يلزم من عدم إيقاع العقوبة الحدية على السارق أن يترك بلا عقوبة؛ بل للقاضي أن يعزره بما يراه مناسباً كل قضية بحسبها.
ولذا فإني أنصح إخواني أن يتقوا الله - عز وجل - فيما تخطه أقلامهم، وبما تنطق به ألسنتهم، وفق الله الجميع لكل خير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
محمد بن عبدالعزيز المحمود
ص ب (260173) الرياض (11342).
|