المال والبنون زينة الحياة الدنيا.. نعم هي زينة إذا استعملها الإنسان في طاعة ربه عز وجل واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم. وقد رزقنا الله بالذرية من البنين، وأنعم علينا برزقهم الرزق الطيب؛ لتقوم علينا الحجة في تنشئتهم التنشئة الصالحة التي منها اللباس الإسلامي المحتشم الذي حث عليه ديننا الحنيف وينشده كل غيور على دينه وأمته، إلا أن الواقع خلاف ما ذُكر، فلكي تجد ذلك لا بد أن تقضي برهة من الزمن تبحث يمنة ويسرة عن مثل هذا اللباس لتشتريه لأطفالك وتربيهم عليه كما قيل: (وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوَّده أبوه). نعم، ما الذي نريده من لباس أطفالنا بناتٍ وبنين؟
هل نلبس أبناءنا وبناتنا ألبسة تشتمل على صورة إنسان أو حيوان أو طير علق على صدر تلك الألبسة؟ أم هل نلبسهم لباساً يحتوي على ما يشبه قطعة من كتاب فيها أنواع الجمل والعبارات التي لا نقرأها، فضلاً عن أن نكون نعرف معناها؟ وإذا فرض جدلاً أن معناها قد عرف، فما هو الجمال التي تضفيه هذه القطعة التعبيرية على هذا اللباس أو ذاك؟
ولا أقول ذلك مبالغاً؛ لأن هذه هي الحقيقة، وبإمكان كل قارئ كريم أن يقلب ناظريه فيما يعرض في الأسواق أو يشاهد من حوله ليرى بأم عينيه حقيقة ما أقول. أضف إلى كل ما ذكر صور ما يسمى ب (دبدوب) التي غزت أسواقنا وبيوتنا، بل لا أكون مبالغاً إذا قلت: إنها رفيقة أطفالنا في غرف نومهم، بل قد لا ينام الطفل إلا بجواره (دبدوبه).
وهنا أربع رسائل:
الأولى: إلى معالي وزير التجارة الذي ما فتئت وزارته الموقرة تدفع وتدافع عن أفكار أبناء هذا البلد الشيء الكثير مما يرد اليها مما هو ضمن البضائع الواردة الى بلادنا المصونة. فله ولجهازه الكريم كل الشكر وعظيم التقدير وخالص الدعاء على ما يبذلونه من جهد في الحد من انتشار مثل هذه الصور والكتابات التي تغزونا من كل حدب وصوب من بلاد لا نعرفها فضلاً عن أن نعرف معتقداتها وأديانها، ويكفي أنها قد تكون غير مسلمة، وإن كانت مسلمة فلكل بلد خصوصيته وعاداته.
الثانية: إلى القائمين على محلات ومعارض الملابس النسائية والأطفال أن يتقوا الله وألا يكونوا رسلاً وممولين للعادات الغربية من حيث لا يشعرون، وأن يكونوا هم القدوة ورسل خير وسلام، وأن يعينوا المجتمع على تربية أفراده وتنشئتهم التنشئة الصحيحة.
الثالثة: إلى المستهلك الكريم الذي يعلم علم اليقين أنه مسؤول عمن استرعاه الله إياه فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته. وهنا أوجه لك سؤالاً أيها المستهلك الكريم: هل وقفت لحظة شرائك لمثل هذه الملابس لتقرأ وتتعرف على معنى هذه الكلمات التي تملأ تلك الألبسة والبنطالات؟ أو هل تعرف صاحب وصاحبة تلك الصورة التي علقتها على صدر ابنك وابنتك من حيث لا تشعر؟ أظن أن إجابتك ستكون بالطبع (لا).
عزيزي القاريء الكريم، وأنت تقرأ هذه الكلمات فتِّش عن ملابس أطفالك، بل أقول لك: ارفع رأسك وانظر ماذا يلبسون الآن، فسترى العجب العجاب. ثم إني أرجو منك أن تسأل عن معاني هذه الكلمات؛ لأنك لن تقرأها فضلاً عن أن تعرف معناها، وحينها اسأل نفسك وقل: أين أنا من كل هذا؟!
ثم يا أحبتي هل من إجابة صادقة لهذا السؤال الصريح: (هل تعتقد أنه يوجد في ملابس أطفال ونساء أولئك (المنتجين والمصنعين) صورة لبلد إسلامي أو شخصية إسلامية أو لأقدس بقعة إسلامية؟ استفت قلبك فسيجيبك حتماً. هل تعلم يقيناً أنه بإحجامي وإحجامك عن شراء مثل تلك الألبسة وتكدسها لدى أصحاب المحلات، ومن ثَمَّ رجوعها إلى منشئها الأصلي سيجعل منتجيها يفكرون ألف مرة قبل أن يصدِّروا إنتاجهم إلى هذا البلد الكريم؟
وكلمة حق يجب أن تقال: إن كل ما في الأسواق هو نزر قليل مما يصدَّر إلينا وتقف له وزارة التجارة بالمرصاد وتمنع دخوله الى أراضينا المباركة، لكننا نطمع منهم بالمزيد.
|