Monday 23rd August,200411652العددالأثنين 7 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

الرئة الثالثة الرئة الثالثة
هوامش تربوية !
عبدالرحمن بن محمد السدحان

أهداني معالي المربِّي الفاضِل الدكتور محمد بن أحمد الرشيد، وزير التربية والتعليم، كتابيْن له صَدَرَا حديثاً يحملان العنوانين التاليين:
1) (رُؤى تربوية)، 2) (إلى المعلمين والمعلمات أتحدث)، جاء الأولُ في نَحو 400 صفحة من القطع المتوسط، أما الثاني فيقع في ستٍّ وأربعين صفحةً.
***
وقد سُحت بذهني وخاطري عبر دفتي الكتابين، فألفيتُهما يزْخران بالحبّ للتربية والتربويين، واستقى الكتابانِ مادتَهُما من مقالاتٍ ومحاضراتٍ وتعليقاتٍ طرحَها معاليه في أوقاتٍ سابقةٍ، ومناسَبات متفرّقة، يصبُّ مضْمونُها في الهمّ التربويّ، رسالةً وآليةً وقضايا ونتائجَ، من جهة أخرى، عبَّر معاليه عن احْتفائِه بالمعلمين، فخَصَّهم بالكتاب الثاني سَالِف الذكر، وهو صغيرُ الحجْم، لكنه ثريٌّ بما يضمُّه معنىً ومضموناً !
***
* شدّ انتباهي على نحو خاصٍّ شَغفُ (عميد التربية) في بلادنا الدكتور محمد الرشيد بالمعلم، حيث وجَّه إليه عشْرَ رسائل ضمَّها كتابه الثاني، حملتْ نسيجاً جميلاً من رُؤاه حول التربويين، ومخاوفِهِ عليهم، وأمانيه لهم، مذكّراً إيّاهم في أكثر من موقع من الكتاب أنّ التربية أمانةٌ ثقيلةٌ ومهمةٌ عظيمة، وأن المعلمَ الصالحَ القويَّ الأمينَ أهمُّ منَ المنهجِ ومنَ المعملِ ومنَ المبنى النموذجيِّ للمدرسة.. وأن غايةَ التربية والتربويّين إعدادُ المواطن الصالح..، وأن تعليمَه أساليبَ التفكير السديد، وحبَّ الحوار واحترامَ (الآخر) جزءٌ لا يتجّزأ من أخلاقيات المهنة التربوية وآدابها وبديهيّاتها، ودعَا معاليه في رسالة أخرى التربويّين إلى ممارسة التقويم للمناهج والكتب، واقْتِراحِ تعديل ما تُوجِبُ الضرورةُ تعْديلَهُ بناء على ذلك، وذكّرهم أنَّ ممارسةَ المهنة التربوية يجب أن تتّكِئَ على (.. شوقٍ عارمٍ إلى العلمِ وظمأِ المعرفةِ.. وعزمٍ على الدرس والتحصيل..) واعتبر معاليه ذلك تحدياً كبيراً أمام التربويين، متمنياً لهم أن يوَاجهوا ذلك التحدي (بالقول المقنع، والقدوة الحسنة، والأسلوب الحكيم)!
***
* ولقد ذكّرتني (الأجْندةُ) المهنية والأخلاقية للتربية التي تحدث عنها معالي وزير التربية والتعليم - عَبْر (وصاياه) العشر الموجهة إلى زملائه أعضاء الأسرة التربوية - ذكّرتني بالندوة الجادة والموفّقة جداً التي استضَافها مُلْتَقَى عسير صيفَ هذا العام عن (المنهج الخفي) في التربية، مؤكِّدةً بقوة ويقين أهميةَ وخطورةَ الدور الفعلي للمعلم في تشكيل ذِهْن الطالب من خلال تعامله مع النصِّ المكتوب، وتوظيفه لمنظومةٍ من القيم والمواقف والتوجّهات الخاصة به عبر الممارسة التربوية، المباشرة وغير المباشرة، وفي هذا تأييد للفكرة القائلة إنَّ (المنهج) ليس مسؤولاً وحْدَه عن صلاح أو طلاح العمليّة التربوية، ما لم يقْتَرنْ بالطرف الآخر من المعادلة، وهو المعلم!
***
وبعد ..
فإنّ المعلمَ والمنهجَ معاً هما للتّربية كالعينين في الوجه الواحد، لا يستوي أمرُ التربية إلا بهما، ولا تقومُ لها قائمةٌ إلا من خلالهما، وبدونهما، تبقى التربيةُ، أداءً ومخرجاتٍ، عمْياءَ بلا بَصَر، خَرْسَاءَ بلا سَمْع، بَلْهَاءَ بلا عَقْل ولا حكمة ولا وجدان!
***
ولقد كنت أتمنى أن أُطْنِبَ في الحديث عن الكتابيْن، لا إطْراء لصاحبهما ولا إشادة بما فعل، فهو غنيّ عن هذا وذاك، وكنتُ أتمنى أن أملكَ قدرةَ التحليل والنقد بما يسوّغُهُ النقدُ السويُّ، غير أن هذه مهمة التربوي المتخصص، وأنا لا أدعي شرفَ العلم بذلك، وحَسْبي هنا القولُ أن الكتَابيْنِ غنيّان بالفائدة، لأنّهما يحويان خلاصة رأيٍ ورُؤْيةٍ ل(عميد التربية) في بلادنا، معالي الدكتور محمد بن أحمد الرشيد، فقد عاصَرَها وعاصَرتْه زمناً طويلاً، همّاً وفكراً وانشغالاً، قبل وُصوله إلى سُدّة الوزارة وبعدها، ومهما اخْتَلفَ المرأُ معه حول بعض المواقف أو التوجُّهات أو الآليات في العملية التربوية، فإنه لا شكَّ يظَلُّ المالكَ لناصية (التخصّص) و(الاختصاص) في هذا السياق الحيويِّ والإنساني المهم جداً.
***
أختم هذا الحديثَ المقتضبَ باقتباس جُزْءٍ منَ الرسالة التي بعثْتُها إلى معاليه في وقت سابق تقديراً لإهدائي نسْخَتَيْنِ من كتابيْه آنفيْ الذكر، حيث قلت:
(.. لو كان جلُّ المعلمين والمعلمات يحملون هذه الرؤى الجميلة: استيعاباً وامتثالاً وحماساً وتفعيلاً، لكانَتْ تربيتُنا بخير، ولما اشْتكى لها ومنها شاكٍ، بل وأكادُ أجزم يا معالي المربِّي الفاضل أنَّ مشكلةَ التربيةِ، الأولى والأخيرة،.. كانت وستبقى.. المعلِّم، ويأتي تقويم المناهج في بعض قطاعاتها.. بعد ذلك..)!.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved