Sunday 22nd August,200411651العددالأحد 6 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "زمان الجزيرة"

23 ذو الحجة 1391هـ الموافق 8-2-1972م العدد 377 23 ذو الحجة 1391هـ الموافق 8-2-1972م العدد 377
التدخين وعلاجه
بقلم: ناصر إبراهيم المحارب

إنه لمن المؤسف حقاً، بل ومن المخيف جداً منظر مَن هم تحت العشرين سنة وهم يحملون في أيديهم شقاء حياتهم وسبب متاعبهم في المستقبل، وأعني بذلك سجائر التبغ السامة. وقد تكون المشكلة أخف وطأة لمَن هم قد تورطوا في هذا السم المغلف، وذلك لأن أول مَن اكتشف الدخان كان يعتقد بأنه يشفي بعض الأمراض، وكذلك يعطي شاربه متعة لا نظير لها. هذا المفهوم كان قبل عشرات السنين، وخلال هذه السنوات كانت مضار التدخين ومشاكله تظهر للمدخنين شيئاً فشيئاً، ولكنهم لم يدركوا ذلك تمام الإدراك. وهكذا حتى اتضحت تماماً مضار التدخين وعلاقته الوثيقة بأمراض السرطان وأمراض القلب، وهما غنيان عن التعريف. وبعد هذه الحقائق التي برزت للعيان أخذ المدخنون ينظرون إلى السجائر نظرة متشائمة تمام التشاؤم، وبالتالي أخذ كل مدخن يفكر في تركه، وأخذ الكثير من المدخنين في البدء فعلاً في الخلاص منه، هذا بالنسبة لهؤلاء الذين قد وقعوا في الفخ، ولكن ماذا نقول لأولئك الذين هم أبناء النصف الأخير من القرن العشرين الذين وفرت لهم الدولة -ولله الحمد- جميع وسائل التوعية والإرشاد، وقلَّ أن تجد منهم مَن لا يقرأ ولا يكتب؟! ومن ثَمَّ وبعد هذا كله لا شك أنهم اطلعوا ورأوا بأعينهم مضار التدخين، وكذلك رغبة المدخنين الأكيدة في تركه. ماذا نقول لهم إذا رأيتهم يصرون على أن يدخنوا رامين بهذه المبررات عرض الحائط، وكأن في التدخين سعادتهم ونجاحهم؟! وأعتقد أن مرد ذلك يرجع إلى عدة اعتبارات نفسية واجتماعية، منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1- إنهم لم يدركوا تماماً مضار التدخين.
2- إنهم يرون المدخنين بكثرة ولا يبدو عليهم إرهاق أو ملل من التدخين أو مرض ظاهر.
3- اعتقادهم بأن التدخين يعتبر تطوراً.
4- إنه قد يأتيهم بالنصح شخص مدخن، وبالتالي فإنهم لا يتقبلون نصحه لعدم ثقتهم به ما دام هو يدخن.
5- إن المبتدئ في التدخين يعتقد أن ذلك يمنحه شخصية أقوى مما لو كان غير مدخن، وخصوصاً إذا كان بين مَن هم في سنِّه.
6- اعتقادهم بأن التدخين يبعد الهموم ويريح العقل، وخصوصاً عندما يضيق الشخص بأي شيء كان. وهذا خطأ؛ لأن المدخن يكثر التدخين في حالة وجود أي مشكلة صغيرة أو كبيرة، ويكثر من التدخين في حالة سروره وشعوره بالسعادة؛ أي في السرور أو الحزن على السواء، وهذا يثبت أن التدخين عادة وليس إدماناً.
7- قراءتهم للدعاية والإعلان عن التدخين في كثير من الصحف والمجلات وبعض الأدوات المنزلية وغيرها.
8- بيع السجائر بالمفرد عند أصحاب الدكاكين، وهذا مما يسهل على الطفل شراءه، خصوصاً أن الأطفال قلما تخلو جيوبهم من القروش الصغيرة.
9- عدم وجود الوعي الكافي عند بعض المدخنين الذين هم أكبر من المبتدئ سناً، وهذا يجعلهم أحياناً يشجعون الأطفال على التمادي في التدخين، وكأني بلسان حالهم يقول: (لو كان ضاراً لضرَّنا).
10- إرهاب الطفل وتوعده بأشد العقاب إذا هو حاول التدخين، وهذا قد يكون له رد فعل عكسي يجعل الطفل يحاول جاهداً أن يجرب التدخين.
11- رؤية التلاميذ المدرس وهو يدخن.
وبالإمكان التخفيف من هذه المشكلة التي تستحق بذل الكثير من الإمكانيات للتخلص منها؛ لكي نستطيع أن نكون جيلاً سليم الجسم؛ لأن العقل السليم في الجسم السليم، وذلك بمراعاة ما يلي:
1- الإكثار من نشر مضار التدخين وكشف مساوئه بين صفوف الطلبة، وخصوصاً في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية.
2- الإكثار من الأفلام والشرائح التي تتيح للمشاهد أن يرى مَن هم يعانون أمراض التدخين، وأن يطلع على تأثير النيكوتين في الرئة عن طريق هذه الأفلام في التلفزيون والمدارس.
3- منع الدعاية والإعلان عن السجائر نهائياً، ومنع جميع الأدوات التي تحمل ماركة السجائر أياً كان نوعها. وقد عملت الحكومة على ذلك حرصاً منها على تلافي هذه المشكلة.
4- أن يحاول المدخنون إبراز مساوئ التدخين للمبتدئين وحثهم على تركه بطريقة تتناسب مع عقلية الشخص المراد إفهامه.
5- عدم تخويف الطفل من قِبَل الوالدين والأقارب والمدرسين بالضرب في حالة محاولته التدخين، بل يجب أن يحذروه منه بطريقة تكشف له عن مضار التدخين ومساوئه.
6- منع المدرسين من التدخين أمام التلاميذ في داخل المدرسة أو خارجها منعاً باتاً؛ لأن الطفل شديد التأثر بمدرسه، فهو يعتبر قدوة له.
هذا وإنني أخاطب أولئك الشباب الذين يتعبثون بالتدخين بالرغم من معرفتهم مسبقاً لنتائجه السيئة، وأطلب منهم تحكيم عقولهم في هذا الأمر والابتعاد عنه، وليعلم كل واحد منهم أنه سيأتي اليوم الذي يقول فيه: ليتني لم أقترب من هذا السم المرعب، ويتمنى أن يتركه ويبتعد عنه، ولكنه في هذا الوقت يوجد فرق كبير بين قدرته على تركه وبين قدرته عندما كان متعبثاً.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved