* فلسطين المحتلة - بلال أبو دقة:
دخل إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام، يومه السادس على التوالي أمس الأول الجمعة، الموافق 20 -8 - 2004، في وقت تواصل فيه سلطات السجون حربها النفسية على الأسرى في محاولة بائسة لكسر إضرابهم وتحطيم صمودهم.
فقد نشرت إدارة السجون اليهودية، يوم الأربعاء، الموافق 18 -8 -2004 صوراً للأسير، مروان البرغوثي، أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، أثناء تناوله للطعام، في سجن (أوهلي كيدار اليهودي) في بئر السبع، الذي يعتبر أحد اكثر السجون الإسرائيلية قسوة في معاملته لأسرى فلسطين، وتزعم إدارة السجون اليهودية أنها صور حديثة التقطت للبرغوثي خلال الإضراب، الذي بدأ منتصف الشهر الجاري إلا أن الجهات الفلسطينية المطلعة على سير الإضراب أكدت قيام إسرائيل بتلفيق هذه الصور، مؤكدة أنها تستهدف تدعيم حربها النفسية ضد الأسرى الفلسطينيين.
كما ادعت مصادر في سلطة السجون اليهودية أن عشرة من قياديي الأسرى الفلسطينيين، المعتقلين انفرادياً في سجني (إيشل، وأوهلي كيدار اليهوديين)، يأكلون هم أيضاً، غير آبهين بإضراب زملائهم عن الطعام.
هذا وقد أعلنت سلطات السجون اليهودية، أن 2264 أسيراً ومعتقلاً فلسطينياً آخرين في سجون (أوهلي كيدار، وشطا وشيكما) قد انضموا، يوم الأربعاء، الموافق 18 -8 -2004 إلى الإضراب المفتوح عن الطعام، إضافة إلى 1500 أسير بدؤوا إضرابهم يوم الأحد الماضي، الموافق 15 -8 -2004م.
أقدم أسير فلسطيني: بعد 27 عاماً من الأسر، لا مكان للاستسلام ولا زلت أملك الطاقة لأكمل.
بعد 27 عاماً من الأسر الذي لم تنته أيامه بعد، قال أقدم أسير فلسطيني، سعيد وجيه العتبة، في رسالته المهربة من معتقله في نفحة الإسرائيلي: لا مكان للاستسلام ولا زلت املك الطاقة لأكمل فالمسألة هي أن نكون أو لا نكون، إنني أرى صورة كاملة ذات وجهين حالة وحشية وسادية وقمع يجسدها السجان وحالة صمود وبطولة يجسدها الأسير الفلسطيني.
وقد تلقت (الجزيرة) نسخة عن تلك الرسالة، التي قال فيها: نحن نخوض معركتنا (معركة الأمعاء الخاوية)، دفاعاً عن كرامتنا وحريتنا في وجه اعتى آلة قمع لأكبر نظام فاشي عرفه التاريخ.
إن إسرائيل تواصل التعامل مع الأسرى خارج دائرة القوانين الدولية واتفاقيات جنيف الرابعة، خصوصاً فيما يتعلق بالأسرى وكيفية التعامل معهم مما يجعل الأسرى متأثرين بشكل سريع ومباشر باللحظة السياسية الراهنة، ولا شك بأن الأوضاع السياسية الأخيرة أثرت بشكل سلبي ومباشر على حياة الأسرى، وأدت إلى تراجع والى قضم هائل بالمنجزات التي حققوها على مدى سنوات من النضال والتضحيات حيث قامت إدارة السجون مؤخراً بإجراءات عديدة منها: وضع الزجاج العازل في غرفة الزيارة بحيث يمنع الحد الأدنى من التواصل الإنساني المسموح به، الغرامات المالية الباهظة التي تفرض على الأسرى والتي يبدو من خلالها أن مديرية السجون قررت تمويل ميزانيتها من جيب الأسرى وعلى حسابهم الشخصي، مصادرة مواد التنظيف من الأسرى وإرغامهم على شرائها من الكانتين بمبالغ باهظة، الاعتداءات الجسدية على الأسرى وتكرارها في الفترة الأخيرة، منع الزيارات بين الأقسام وغرف السجن، إغلاق المكتبات التي يعتمدها الأسرى في السجون، تقليص النزهة اليومية، التفتيشات المكثفة والاستفزازية والاذلالية، وقف إدخال الأغراض من الأهل باستثناء الملابس وشروط صعبة للغاية، مصادرة الحقائب الخاصة بالأسرى وتخريبها، وضع الصاج المباشر على حدود الاقسام في السجون، وبما أن السياق العام للحركة الأسيرة كان دائماً التقدم للأمام ومراكمة الإنجازات لتحقيق شروط إنسانية افضل تعزز نضال الأسرى كحركة وكأفراد، فإننا واثقون من انه، وبرغم الظرف السياسي السائد، سوف يتصدى الأسرى لهذه الهجمة الإجرامية عليهم، وسوف يعملون على تحقيق الشروط الوطنية والملائمة في قلب العمل الاعتقالي.
بعد 27 عاماً في السجن، الذي لم تنته أيامه بعد، تابع العتبة، أقول: لم تتعبني هذه الرحلة الطويلة مع أن التعب صفة إنسانية وقد أكون مكابراً لو أنكرت ذلك، لكن التعب مسألة نسبية، فإذا كنت تعبت من السجن فهذا لا يعني أنني تعبت من حمل قضيتي وقناعاتي التي قادتني إلى السجن، لا زلت املك الطاقة لأكمل، نحن كشعب لا نملك الكثير من الخيارات، المسألة هي أن نكون او لا نكون.
وأضاف العتبة فإما أن تكمل بنفس الروح وإما أن تسقط وتنتهي كإنسان وكقضية، إن من عاش تجربة السجن يدرك كم هي طويلة وقاسية لكنه يدرك انه لا مكان للاستسلام، وأنا عندما اقف اليوم وأعطي شهادتي هذه وانظر إلى سبعة وعشرين عاماً من الأسر، يقول أقدم أسير فلسطيني: فإنني أرى صورة كاملة ذات وجهين: حالة وحشية وسادية وقمع يجسدهما السجان وحالة صمود وبطولة يجسدها الأسير الفلسطيني، الذي استطاع أن يحفظ بقاءه كإنسان ويصون هويته كمناضل، ويواجه هذه الظروف ويحولها إلى مدرسة ثورية حقيقية.
عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار: الأسرى ماضون في معركة الأمعاء الخاوية حتى النهاية
وفي أول زيارة يقوم بها محامٍ فلسطيني إلى سجن إسرائيلي بعد بدء إضراب الأسرى عن الطعام، التقى المحامي سعيد نفاع، رئيس جمعية المعروفيين الأحرار، يوم الاربعاء، الموافق 18 -8 -2004، عميد الأسرى اللبنانيين، الأسير سمير القنطار، الذي يقبع في سجن هداريم، في وسط إسرائيل والذي كان يتحدث معه، بثقة بالغة.
وأبلغ الأسير القنطار المحامي نفاع بأنه بدأ إضراباً عن الطعام منذ صباح يوم الأحد الماضي، سوية مع نحو 1500 أسير فلسطيني سياسي يقبعون في أربعة سجون إسرائيلية، هي (هداريم) و(نفحة) و(اوهالي كيدار) و(إيشل).
وقال المحامي نفاع ل(الجزيرة): إن الأسير القنطار هو قائد الإضراب عن الطعام الذي ينفذه الأسرى في سجن (هداريم)، البالغ عددهم 360 أسيراً يقبعون في ثلاثة أقسام، والقنطار هو أيضاً الناطق باسم الأسرى وهو الذي يفاوض إدارة السجن باسمهم، وأكد الأسير القنطار على أن الأسرى ماضون في معركة الأمعاء الخاوية حتى النهاية من اجل تحقيق مطالبهم.
ورغم ملاحظة بعض الإعياء على عميد الأسرى اللبنانيين بسبب الإضراب عن الطعام، الذي سجل يومه السادس، ورغم ممارسات إدارة السجن ضد الأسرى، إلا انه يتمتع بمعنويات عالية.
وتبين أن المعلومات المتوفرة لدى الأسرى عما يحصل خارج السجن أصبحت قليلة بعدما صادرت سلطات السجون كافة أجهزة التلفاز والراديو من الأسرى، مع إعلانهم الإضراب، كما منعت هذه السلطات المحامين من زيارة الأسرى منذ يوم الخميس من الأسبوع الماضي.
وأشار القنطار إلى أن الإجراءات التي اتخذتها سلطات السجون الإسرائيلية هذه المرة تختلف عن الإجراءات التي اتخذتها في المرات السابقة، عندما أعلن الأسرى الإضراب عن الطعام.
وقال عميد الأسرى اللبنانيين: إن سلطات السجون لم تبق شيئاً في غرف الحجز سوى الماء، وأضاف: إن سلطات السجون صادرت حتى الملح والسجائر من غرفهم، وذلك بالرغم من أن الملح يستخدمه الأسرى في الإضراب عن الطعام ليوازن ضغط الدم في الجسم، وأكد القنطار أن الأسرى ينوون شن معركة قضائية ضد ممارسات سلطات السجون الإسرائيلية بحقهم.
وأشار المحامي نفاع إلى أنه طوال فترة اللقاء مع القنطار كان يفصل بينهما لوح زجاجي، وهو أحد الأمور التي يطالب الأسرى بإزالتها في قائمة مطالبهم التي قدموها مؤخراً إلى سلطات السجون.
وأكد الأسير القنطار أن الأسرى صامدون مهما كلف الأمر ومهما كانت الإجراءات والممارسات التي تتبعها سلطات السجون الإسرائيلية، موضحاً أن الأسرى ينفذون إضرابهم فيما هم قابعون في غرفهم داخل السجن.
وأضاف يقول: انه لم تجر حتى الآن أية مفاوضات مع إدارة السجن أو مع سلطات السجون، لكن الأسير القنطار شدد على أن سلطات السجون تمارس شتى الوسائل والأساليب من اجل تثبيط عزيمة الأسرى ودفعهم إلى فك إضرابهم، مؤكداً على أن الأسرى مصرون على مواصلة إضرابهم حتى يحققوا مطالبهم، وقال: إن كافة الأسرى الفلسطينيين والعرب السياسيين في سجن (هداريم)، البالغ عددهم 360 أسيراً، يشاركون في معركة الأمعاء الخاوية من خلال إضرابهم عن الطعام.
وقال المحامي نفاع: انه عندما سأل الأسير القنطار: كيف الحال؟
أجابه عميد الأسرى اللبنانيين: جيد ومن كل النواحي.
ورغم أن الحديث بين القنطار ونفاع تركز حول إضراب الأسرى عن الطعام، إلا أن سمير القنطار قال بجملة عابرة: انه واثق، بل هو مطمئن، من انه سيأتي يوم يخرج من سجنه ليعود إلى وطنه لبنان، وان هذا اليوم قريب (..).
منذ عام 1967 اعتقلت إسرائيل حوالي 700 ألف فلسطيني، وترفض الاعتراف بأن المعتقلين الفلسطينيين أسرى حرب
وكان الدكتور صائب عريقات، وزير شؤون المفاوضات، قد بعث برسائل عاجلة إلى مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، (ويليام بيرنز)، والى المبعوث الروسي لعملية السلام (الكسندر كولجين)، والمبعوث الأوروبي، (مارك اوت)، وممثل السكرتير العام للأمم المتحدة، (تيري لارسن)، والى سفراء وقناصل وممثلي الدول الآسيوية والأفريقية والأوروبية وأمريكا الجنوبية وكندا واستراليا، طالب من خلالها بالتدخل الفوري للمجتمع الدولي وإلزام الحكومة الإسرائيلية باحترام ميثاق جنيف الرابع لعام 1949، وميثاق جنيف الثالث بخصوص الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.
وجاء في الرسائل، التي طالعت (الجزيرة) محتوياتها: انه منذ عام 1967 اعتقلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة حوالي 700 ألف فلسطيني، إلا أنها رفضت تنفيذ مواثيق جنيف أو الاعتراف بأن المعتقلين الفلسطينيين أسرى حرب، بحيث ما تزال إسرائيل ترفض وضع الأراضي الفلسطينية كأراضٍ محتلة.
وشرحت الرسائل المعاناة التي تعيشها الحركة الأسيرة في فلسطين المحتلة، من حيث حرمان أهالي المعتقلين من الزيارات، والتفتيش المهين، والعقوبات الجماعية بما فيها التعذيب، والغرامات المالية، والأوضاع الصحية والغذائية المتردية، وحرمانهم من التعليم، وغيرها من الممارسات التي لا تمت إلى القانون الدولي بصلة.
وشدد عريقات على وجوب قيام المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته إزاء أكثر من 7500 معتقل فلسطيني بدؤوا إضراباً عن الطعام وحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن حياتهم.
واستنكر الوزير برسائله تصريحات وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، تساحي هنغفي، حين قال: انه لا يهتم بأمر المعتقلين حتى ولو أدى الإضراب إلى موتهم.
التحذير من انتفاضة ثالثة ستندلع في حالة عدم الاستجابة لمطالب الأسرى الإنسانية،
كما دعا نادي الأسير الفلسطيني في رسالة وصل مكتب (الجزيرة) نسخة منها اللجنة الرباعية المكلفة بتطبيق خارطة الطريق للسلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، التدخل العاجل لإنقاذ الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام منذ يوم 15 -8 - 2004م.
وقال النادي: هناك مسؤولية دولية ملقاة على عاتق الرباعية لمنع كارثة إنسانية في السجون في ظل التهديدات الإسرائيلية والإجراءات القمعية للأسرى، وحذر النادي من انتفاضة ثالثة ستندلع في حالة عدم الاستجابة لمطالب الأسرى الإنسانية لما لقضية الأسرى أهمية وقدسية في الشارع الفلسطيني.
وقال النادي: إن موت أي أسير فلسطيني في ظل الإضراب سيخلق أوضاعاً قاسية وتصعيداً كبيراً في المنطقة ولا يخدم أي توجه لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.
ميثاق شرف يحرم الخوض في أية مفاوضات، دون وضع قضية إطلاق سراح الأسرى كشرط مسبق
هذا وقال الدكتور مصطفى البرغوثي، سكرتير المبادرة الوطنية الفلسطينية، في بيان صحافي تلقى مكتب (الجزيرة) نسخة منه: إن المبادرة الوطنية دعت السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى إصدار ميثاق شرف يحرم الخوض في أية مفاوضات أو توقيع أية اتفاقات مع الجانب الإسرائيلي بدون وضع قضية إطلاق سراح جميع الأسرى في السجون الإسرائيلية كشرط مسبق لأية عملية تفاوض أو توقيع اتفاقيات.
وأضاف البرغوثي، يقول: إن اتصالات جرت مع المنظمات والهيئات الأجنبية والعالمية، لحشد اكبر حركة تضامن دولية مع الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية.وأشار البرغوثي إلى أن تلك الاتصالات لاقت تجاوباً ملحوظاً، حيث من المتوقع أن يصل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفد إيطالي، ووفد آخر من أعضاء البرلمان الأوروبي، لينضموا إلى الفعاليات الشعبية المنظمة على امتداد الأراضي العربية المحتلة تضامناً مع إضراب الأسرى الفلسطينيين والعرب.
|