طريقة حسنة تلك التي اتخذها صديقي في تقريره للمخطئ، طريقة فضلى، طريقة إقناعية ممتازة، ما أفضلها من طريقة! وما أحسنها!
إنها لَطريقة طيبة، تصرف حكيم ذلك التصرف..
أقر المخطئ.. تناقش معه! تنزل لتقريره! تدارس حاله! تدارسه وإياه ليوصله إلى الاعتراف، يوصله الحقيقة، يوصله الى حالة يشعر معها أنه أخطأ.. لا ليعنفه بتلك السياسة التي صار فيها الاعتراف بالواقع فحسب.. لكن ليتبين المخطئ من حاله أن الخطأ وقع، ويعقد على نفسه عدم العود.. فيكون بذلك عزم وجزم كبيران على عدم العود؛ إذ ذلك أفضل طريقة تقريرية يكون بها الجزاء للمخطئ (اعترف بالخطأ وعزم على ألاَّ يكون منه العود لما بدر منه).
ثم إنه أدرك مغبة خطأته، أدرك أن المخطئ مهان، ثم أدرك مرة أخرى أن المعترف بالذنب كمَن لا ذنب له، وأن الافضل في ذلك هو ارتداعه بطريقة اقناعية.. إن الخير في تلك الطريقة.
حمداً لك يا رب؛ فديننا دين اليسر، دين اشتمل على الطرق المقدمة، الطرق التي تحمي الحاضر، وتخطط للمستقبل محافظة عليه، لم يترك الجاني يتمادى في ذلك بها، بل يوقفه بطريقة تردعه عن تصرفه في الحاضر، وتجعل في قرارة نفسه أنه لا يمكنه العود تخوفاً من تلك الاشياء التي حصلت له في خطأته، ثم يا حسن تلك الشروط للتوبة من الذنب: الإقلاع عن الذنب، والعزم على عدم العود، والندم على الذنب الماضي. وإنها لحقائق وحِكَم كبيرة الشأن، كثيرة المعاني ما انطوت عليه هذه الشروط.
صالح عبدالله الجريش |