ان ادارة المستشفيات بواسطة اطباء متخصصين يعطل مواهب فنية ويغمرها في اعمال روتينية ادارية بحتة بعيدة كل البعد عن خبرات الطبيب وطموحه.
ومع ذلك فقد درجت وزارة الصحة على هذا الاسلوب في ادارة المستشفيات والمناطق الصحية والوحدات العلاجية الاخرى، اذ تحتم التعليمات ان يكون على رأس الجهاز الاداري الصحي طبيب او اخصائي للعلاج، غير أن معالي وزير الصحة استطاع ان يخطط لاذابة هذا الاسلوب التقليدي العتيق بما يتلائم مع اشباع الجهاز الاداري للمستشفيات بمواهب ادارية متخصصة وذلك بابتعاث عدد من خريجي الجامعات للدراسة العليا للحصول على مؤهل الماجستير.
وسوف يتوافر بهذه الوثبة التخصصية العديد من الأطباء العاملين في حقل العلاج بعيدا عن مجال الادارة.
ولا شك أن معالي وزير قد اوجد بذلك بادرة طيبة يحتمل بعدها أن تحذو الجهات الاخرى حصر المواهب والاختصاصات في الميادين العملية مباشرة بحيث لا تسند الاعمال الادارية الا لذوي اختصاص اداري تصحيحا لما يجري من اسناد اعمال الادارة لمهندسين زراعيين أو معماريين او مدنيين وخبراء اقتصاديين أو علماء أكاديميين. هذا من جهة وجوب استغلال المواهب العلمية في مجالها العملي.. ومن جهة ثانية فقد لا تتوافر بجانب المؤهل العلمي المقومات الشخصية الفطرية للتأهيل للادارة الا في النادر من الاشخاص.. فالبحث عن الشخصية الادارية مهم جدا.
يبقى أن نطمع من معالي وزير الصحة اعطاء تعليمات موسعة لذوي الشأن في ترشيح المؤهلين للتخصص في ادارة المستشفيات ألا يستعملوا في تنفيذهم لهذا القرار أضيق الحدود بحيث يتعذر مع تضييقهم توفير العدد المطلوب للابتعاث كأن يحصروا القبول في خريجي كليات دون أخرى بل يفسحوا المجال لخريجي الكليات عموما ولو لم يكونوا ممن لم تحتو مناهج كلياتهم على لغات أجنبية فقد اثبتت التجارب عدم صواب هذه القاعدة اذ ابتعثت احدى الوزارات اشخاصا لم يكن لديهم المام سابق باللغة الانجليزية من بين آخرين توافر لهم الالمام، ومع ذلك اتم الجميع دراستهم في الخارج خلال فترة واحدة.. ولولا ان النادر لا حكم له لاستشهدت بواقعة احدهم حيث عاد حاملا مؤهلا اعلى من زملائه ممن لهم سابق علم باللغة الاجنبية خلال الفترة نفسها.
بذلك أسوق هذا الحديث لمعالي وزير الصحة مسجلا اعجابي بمبادراته الفعالة في التركيز على التخصص وحصر المواهب الطبية في ميدانها الفعلي الصحيح.
صالح السالم |