في مثل هذا اليوم من عام 1914م توفي الكاتب والمؤرخ جورجي زيدان، المولود في بيروت عام 1861م، وقد تلقى علومه في بيروت ثم هاجر إلى مصر وسافر إلى الكثير من الدول الأوروبية، استقر جورجي زيدان بالقاهرة، وتولى عقب عودته من لندن إدارة مجلة (المقتطف)، وظل بها عاماً ونصف العام، وقد قدم استقالته من المجلة سنة 1888م ليشتغل بتدريس اللغة العربية.
أصدر جورجي زيدان في سنة 1892م مجلة الهلال، وكان يقوم بتحريرها بنفسه، إلى أن كبر ولده (إميل) وصار مساعده في تحريرها، كان جورجي زيدان متمكناً من اللغتين الإنجليزية والفرنسية إلى جانب اللغة العربية، واسع الاطلاع بهما، وبخاصة فيما يتصل بالتاريخ والأدب العربيين، واتجهت مؤلفاته الأولى نحو هذا المضمار، وإن مالت نحو الدراسات التاريخية؛ فأصدر في سنة 1889م كتاب (تاريخ مصر الحديثة) في مجلدين، و(تاريخ الماسونية والتاريخ العام)، وهو موجز في تاريخ قارتي آسيا وأفريقيا، ثم توالت كتبه: تاريخ إنجلترا، تاريخ اليونان والرومان، جغرافية مصر وطبقات الأمم وغيرها، غير أن هذه الكتب لم تلفت إليه الأنظار، ولم تلق نجاحاً يذكر، إلى أن أنشأ مجلة الهلال التي ارتبطت حياته بها ارتباطاً وثيقاً.
اشتهر جورجي زيدان برواياته التاريخية الشهيرة التي بدأها برواية (المملوك الشارد) التي صدرت في سنة 1891م ثم تتابعت رواياته حتى بلغت اثنتين وعشرين رواية تاريخية، منها سبع عشرة رواية تعالج فترات من التاريخ الإسلامي، تمتد من الفتح الإسلامي إلى دولة المماليك، مثل: أرمانوسة المصرية، غادة كربلاء، فتح الأندلس، العباسة أخت الرشيد، الأمين والمأمون، شجرة الدر، استبداد المماليك.
وقد لقيت هذه الروايات رواجاً واسعًا وإقبالاً هائلاً، وتُرجمت إلى الفارسية والتركية، والأذربيجانية، وغيرها من اللغات، ويعد كتابه (تاريخ آداب اللغة العربية) الذي صدر في أربعة أجزاء في الفترة من 1911 - 1914م من أهم المراجع للمشتغلين بتاريخ الأدب العربي في عصوره المختلفة، وكانت فكرة تأليف هذا الكتاب قد شغلته منذ وقت مبكر، فنشر فصولاً في مجلة الهلال سنة 1894م تحت هذا العنوان، ثم وسّع هذه الفصول حتى جعل منها كتاباً مستقلاً، ويعد جورجي زيدان رائد هذا الميدان، وإن سبقته محاولات محددة لم يكن لها مثل تأثير كتابه.
ويعد كتابه (تراجم مشاهير الشرق) من أهم المراجع التي يستأنس بها كل باحث وكاتب يبحث عن الترجمة لعلم من أعلام الشرق في القرن التاسع عشر، والكتاب لا يختص بطائفة معينة من الناس، وإنما يجمع بين أعلام السياسة والأدب والإدارة والحكم وغيرهم.
|