Saturday 21st August,200411650العددالسبت 5 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

تعقيباً على السماري: تعقيباً على السماري:
بل ليت هذه الأفواه تسكت وتخرس!!

خواطر عدة ومشاعر وخلجات تلجلجت في فؤادي واستحكمت حصارها على تفكيري بعد قراءتي لسطور الكاتب القدير عبدالرحمن السماري التي زفتها لنا جزيرتنا الغناء في عددها الصادر يوم الثلاثاء بتاريخ 25-6-1425هـ وكانت حول القذائف التي تقذف بها محاضن التعليم ومعاقل التربية وتحفيظ القرآن، ثم ثنَّى وفقه الله بكلمات رائعة حول تلك الأقلام المعتلة التي لا زالت تطلق رصاص أقلامها تجاه أرواح بريئة مضت إلى خالقها وغادرت إلى حياة الآخرة مرتهنة في قبورها بما قدمته للأمة الإسلامية من تراث ضخم وهائل لا يقدر بثروة ولا ثمن، وما زلنا نسمع ونسمع الكثير من الانتقادات والاتهامات التي تصب وتزجى على علمائنا الأكارم في كثير من المواقع والمنابر الإعلامية؛ كالإنترنت والصحف والمجلات والفضائيات، وأجدها منة من الله امتن بها عليَّ بأن كنت من عشاق صحيفتنا (الجزيرة) فقط وحلقات لا تذكر في المذياع؛ لذا نزهت سمعي عن كثير مما يُكال لعلمائنا ودعاتنا بالمكاييل في كثير من تلك المواقع الإعلامية إلا ما ندر مما ينقل لي عن بعض ما يجري وما يستجد. فهذا الذي يطعن في فؤادي ويغرس في قلبي لوعة وأسى على هذا الواقع الذي لا نملك ومع تأزم واشتداد ظلمته إلا أن نسأل الله الثبات على الحق والهداية للرشاد والتوفيق للعمل بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما وصانا بكلمته الثمينة حيث قال في معرض نصحيته ومحاورته مع حذيفة رضي الله عنه: (.... ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك). توجيه كريم من نبي رحيم بأمته. وقبل ذلك يحذر الله عز وجل في كتابه الكريم من توجيه التهم والخزعبلات جزافاً وخرصاً وأن عاقبة ذلك وخيمة، حيث قال: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، ويقول سبحانه موجهاً ومرشداً لنا عن كيفية التعامل مع مثل هؤلاء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}، فالتحذير شديد، لا بل تهديد ووعيد.
كثيراً ما تحمل لي الأيام أخبار وأحاديث هؤلاء الذين ابتلوا بشر بلية، وهي الطعن في العلماء ودعاة الخير في الأمة، وهي والله أخبار مؤلمة للقلب ومكدرة لصفو الخاطر وأنس الصدر، ويؤسفنا كثيراً أن يبزغ لنا نقاد من نوع جديد وخطر، والله محدق بنا أن يبزغ هذا الصنف من النقاد بين عامة الناس ومجامعهم؛ حيث سمعناً كثيراً من أفواه تصنف ضمن أرباب الثقافة والريادة والقدوة الحسنة في المجتمع تقذف التهم والتندرات ببعض علمائنا الأجلاء ودعاتنا الأوفياء، نحسبهم كذلك والله حسيبهم، وتكيل لرموز معروفة في الأمة مكاييل التنقصات والمعايب، وما نقموا منهم إلا أن أغناهم الله من فضله وآتاهم قبولاً لم يحظَ به هؤلاء النقاد، فلم يعجبهم ذلك {حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم}، فهموا بهم تشريحاً وتجريحاً وتنقيصاً من قدرهم بين العامة وفي مجامعهم كما ذكرت آنفاً. وهؤلاء النقاد الجُرَّاح كثيراً ما ينتقدون العلماء والدعاة حول بعض القضايا الاجتهادية والآراء التي ارتئوها في بعض المسائل والقضايا فيعيبونهم على آرائهم واجتهاداتهم، ثم ليت أن أحدهم يتكرم على ذلك العالم أو الداعية بمكالمة هاتفية أو وريقة يبدي فيها ما عنَّ في خاطره حول ما رآه هذا العالم أو الداعية، ياليتهم كذلك، لكن الواقع يشهد بعكس ذلك من تهميش واحتقار وازدراء، وهذا الذي والله لم يكن بالحسبان أن ينبري أناس من العقلاء والفضلاء لمثل هذه الفعلة المشينة، وهي الوقيعة في العلماء، وأن يتنكبوا جادة الحق والصواب ويجانبوا المنهج القرآني الكريم في الكف عن أعراض الناس والفري في لحومهم، ونسوا أو تناسوا أو غفلوا عن المنهج النبوي الكريم الذي حذر غاية التحذير من هذا الطريق الشائك الخطر. وإذا كان التعرض لأعراض العامة من الناس والبسطاء منهم أمر في غاية الخطورة فكيف إذاً بالتعرض لأعراض علمائنا الأجلاء ودعاتنا الأوفياء؟!
إنني سيرت أحوال هؤلاء المتنقصين أياً كانت مراتبهم ومكانتهم فوجدت أنهم من مجلس إلى مجلس ومن سمر إلى سمر راقدين في بيوتهم وخانعين في غرفهم فاغري أفواههم للتنقص والتفسيق والتهميش، لم يخدموا دينهم ووطنهم بأدنى خدمة تذكر لهم، والويل لهم إن استمروا وواصلوا مسيرتهم العفنة؛ فعقوبتهم معروفة ومكشوفة أمام الملأ. يقول ابن عساكر رحمه الله: (لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصهم معلومة). لم يعد الأمر مقتصراً على تلك الأقلام الجائرة في أحكامها فقط، بل استطال إلى الأفواه مباشرة، فأصبح التنقص والوقيعة في رموز الأمة أياً كانوا يروى في الفضائيات وعبر اتصالات مباشرة وفي محطات وإذاعات الراديو بلا رادع ولا حياء، وكثيراً ما سمعنا مَن يدعو بعض العلماء للمحاورة والمناظرة في بعض برامج الفتاوى المباشرة في المذياع، بل لا يقتصرون على طلب المناظرة والمواجهة، بل يطالون بعض الآراء بالتسفيه والتحقير؛ كالذي سمعه مَن سمعه قبل أيام يطالب أحد علمائنا الكرام بالمواجهة، ويسأله بتعنيف وغلظة عن المصادر التي يستصدر منها الشيخ آراءه ونقولاته، ويعيب عليه فهمه للمسائل وغير ذلك، بل حتى أحياناً تصل إلى أمور شخصية يبثها هذا المتهور المندفع عبر اتصاله المباشر، فيا ليت هذه الأفواه تسكت وتخرس!
لقد أخرجت هذه الأزمات ما في النفوس حقيقة، وتبيَّن لنا الصادق من الكاذب، بل اتضح لنا من مقولات البعض وسطور البعض الآخر وانكشف الغطاء عن كثير من المجاملات والمراوغات التي كان يتشبث بها مَن كان في قلبه شيء على علماء هذا البلد الكريم، ولكن سلواننا الوحيد أن العاقبة لعباد الله المخلصين، نسأل الله الثبات على الحق، والله المستعان.

محمد بن عبدالعزيز الكريديس
بريدة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved