* مكة المكرمة - عمار الجبيري:
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل والحذر من أسباب سخطه فإنه لا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه وأن ينيبوا إليه ويتوكلوا عليه وأن يخلصوا له العمل حتى تكون لهم العاقبة في الدنيا والآخرة.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام يوم أمس:
أيها المسلمون إن في السير على خطى سلف هذه الأمة وأخيارها خير مسلك لبلوغ الغاية من رضوان الله ونزول دار كرامته إلى جوار أوليائه والصفوة من خلقه وقد وجه الله تعالى رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى انتهاج مناهج سلفه عن أنبياء الله ورسله والاقتداء بهم فيما هداهم الله إليه من الحق بما أكرمهم به من البينات والهدى فقال عز اسمه:
{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} وإن من أجمل ما اتصف به الصفوة من أهل الإيمان كمال الحرص على سلوك سبيل الإحسان في كل دروبه والحذر من التردي في وهدة الإيذاء للمؤمنين والمؤمنات بأي لون من ألوانه وبأية صورة من صوره يحذوهم إلى ذلك ويحملهم عليه ذلك الأدب الرفيع والخلق السامي الذي رباهم عليه ربهم الأعلى سبحانه حين بين لهم أن الصلة بين المؤمنين هي صلة أخوة في الدين كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}.
وأوضح أن الأخوة تعني الترابط والتواد والتعاطف والقيام بالحقوق كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة).
وبين الشيخ الخياط أن الأخوة تعني أيضا كف الأذى فالمسلم حقا من كمل إسلامه بسلامة الناس من إيذاء لسانه ويده وما في حكمهما كما جاء الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه) وإذا كان الإيذاء باللسان واليد ضروبا شتى وألوانا متعددة لا تكاد تحصر فإن من أقبح صور الإيذاء ما اجتمع فيه اللسان واليد معا كمن يصف المؤمن بما ليس فيه من صفات السوء يقول ذلك بلسانه ويقصه بيمينه ليستحكم الأذى وليشتد وطئه وليصعب دفعه ولذا جاء الوعيد الصارخ والتهديد الشديد الزاجر لكل من آذى مؤمنا فقال فيه ما ليس فيه إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحديث: (ومن قال في مؤمن ما ليس فيه حبس في ردغة الخبال حتى يخرج مما قال) وردغة الخبال هي عصارة أهل النار وخروجه مما قال هو بالتوبة عنه وبأن يستحل ممن قال فيه تلك المقولة.
واشرح أن الإيذاء كما يقع على آحاد الناس وأفرادهم فإنه يقع أيضا على المجموع منهم كذلك غير أن الإيذاء للمجموع أشد وقعا وأعظم ضررا لعموم وشمول التجني فيه ومن ذلك هذا الهجوم السافر والاتهام الجائر الذي تسلط سهامه على المراكز والمخيمات الصيفية التي دأبت بعض الجهات الرسمية في الدولة وفقها الله على إقامتها كل عام منذ أمد بعيد في برامج منوعة مفيدة معلنة نفع الله بها شبابنا وغيرهم وكانت لهم من العوامل على اشغال النفس بالحق إن شاء الله.
وأكد الشيخ أسامة الخياط أن من أعظم أسباب الإيذاء المفضية إليه اللدد في الخصومة ولذا كان الألد الخصم أبغض الرجال إلى الله كما جاء في الحديث عن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم وجاء التحذير الشديد لمن خاصم في باطل وهو يعلم وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (ومن خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع) أي حتى يترك ذلك الذي وقع فيه ولذا يتعين على من جهل عليه إلا يقابل ذلك الجهل بمثله طاعة لله تعالى وحذرا من الوقوع فيما لا يحسن ولا يجمل بالمؤن الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء) ولأنك كما قال بعض السلف رضوان الله عليهم أجمعين: لن تعاقب من أعصى الله فيك بشيء خير من أن تطبع الله فيه وبذا يكون معك من الله نصير ما دمت على ذلك وحري لمن لا يقابل الإساءة بمثلها ومن لا يدفع الظلم بمثله إن يحظى بمعينة ربه وتأيده {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} فاتقوا الله عباد الله واسلكوا مسالك الصفوة من عباد الله في سلوك سبيل الإحسان والتجافي عن سبل الإيذاء في كل صوره تكونوا من المفلحين الفائزين في جنات النعيم.
|