إن ما تقدمه لنا التكنولوجيا المعاصرة اليوم من منتجات.. كان الغرض منها تسهيل سبل الحياة المعقدة، وتيسيرها حسب مقتضيات العصر ومتطلباته.. فأصبحت أغلب الأدوات بل معظمها طوع تصرفنا، وبإرداتنا وهذا نسميه نهضة التطور، وأصبحت جميع الأجهزة مستخدمة طوع البنان يستطيع الإنسان أن يتحكم فيها من على بعد أو قرب.
ولكن لم نرتح لحظة واحدة من الأضرار المترتبة على استخدام هذه الأدوات بدءاً من المايكرويف وحتى الهاتف المحمول، وإني أريد أن أمنح نفسي وقفة حول هذه الموضوع، الذي بات يقلق البعض من الأضرار المترتبة من استخدامه.. لعلي سمعت بمحض الصدفة عن فتاة أسرفت في استخدام هذا الهاتف والذي لا يخلو منزل منه بعدد أفراده الذين يقيمون في المنزل الواحد وكثرة استخدامه.. مما نتج عنه أضرار بالغة كما حدث لصديقتنا وحل بها نزيف حاد في أحد طبقات الأذن، ومنعت من استخدامه مدى الحياة، ولعل الأطباء هم أكثر خبرة مني حول هذا الموضوع وما ينتج من سوء استعمال هذه الوسيلة، وما يقال إنه يتلف خلايا المخ والسمع، ويجلب العديد من الأمراض التي نحن في غنى عنها.
ليس هذا فحسب بل المعضلة حينما تسرف السيدات في استخدامه وتصبح - الفاتورة - عبأً على الزوج أو الابن أو الأخ، مما يضطر أغلبهن إلى الاقتراض، والأمر أصبح إدمان أكثر من حاجة ملحة.
لا ريب أنها رفاهية ضارة بكل المقاييس، وإسراف يتفنن أكثر الناس فيه، فلم يعد الهاتف النقال يغطي حاجات، بقدر ما هو وسيلة للتباهي والاستعراض في كل مكان خاصة عندما تحمله الفتيات الصغيرات، ويتباهين في شراء أنواعه وألوانه واكسواراته وتعدد نغماته.. وماذا أيضاً؟، وتواصل بعضهن عبر الرسائل التي يستعرضن بها.
هذا غير الإسراف في استخدامه بحاجة وبدون حاجة، ويكفي أني أحمل هاتفاً محمولا ذا نغمات متعددة.. ونرى أن أكثر الناس غلب عليهم طابع حب التفاخر وهو سائد في مجتمعنا للأسف الشديد.
ففي إحدى زيارتي للولايات المتحدة لم ألاحظ هذا الهاتف يحمل إلا من قبل رجال الأعمال وسيداته والذين يستخدمونه عند الحاجة الملحة فقط.! لأنهم أناس يعلمون جيداً كيفية التعامل مع هذه الأجهزة الحساسة والتي لها مضار كثيرة، وكذلك الحرص الشديد على وقتهم الثمين وعدم التبذير، الذي بات يسود معظم مجتمعنا المسلم، وهذا ما نهى عنه ديننا الإسلامي.. ومساهمة الأسر في شراء هذا الجهاز بجدوى وبلا جدوى!، فهل أصبحنا في عداد المتحضرين والمتطورين عندما نقتني هذا الجهاز ونسرف في استخدامه ونتعامل معه على أنه لعبة أو أداة لا سيما أمام الملأ!؟.
نحن لن نواكب الحضارة باقتنائنا هذه الأجهزة الضارة والإسراف في استخدامها.. بل هناك الكثير من الأشياء التي يحتاجها مجتمعنا حتى نعد في ركاب المتطورين ونعمل من أجل تطوير مجتمعنا ونفسنا للأفضل والأحسن ونعالج القصور الذي ينتابنا، لا سيما الابتعاد عن المظاهر الكاذبة، ونتعامل مع كل جديد ومتطور بدون إسراف أو بذخ.
مرفأ:
غالباً الفراغ الداخلي يلقي بنا إلى بحر الخواء الشاسع.؟
|