تأرجح الوضع في النجف بين الحرب والسلام مع مؤشرات قوية على غلبة كفة الحرب خصوصاً وأن محاولات السلام تتعثر قبل أن تبدأ، بينما ظلّ الاستعداد للمواجهة طيلة استمرار جهود السلام التي بذل فيها المؤتمر الوطني عملاً طيباً ومقدراً استغرقت معظم أيامه الأربعة..
وقد كانت فرصة المؤتمر الوطني مناسبة لانطلاق محاولات السلام نسبة لدرجة التمثيل التي ينطوي عليها المؤتمر لمختلف الفئات العراقية، الأمر الذي شكَّل حالة إجماع لا بأس بها للسعي باتجاه السلام، وقلّما تتوفر فرصة وشيكة مثل هذه، نقول وشيكة لأن الأوضاع في النجف لا تحتمل التأجيل، فكل القوى في المدينة تضع أصابعها على الزناد بانتظار الأوامر لقتال جديد أو ربما لمذبحة أخرى في أرض العراق..
وكان سيكون مناسباً لو احتفظ المؤتمر الوطني بما يشبه خلية الأزمة لمتابعة الوضع المتفجر، فهناك مجموعة قامت بمهمة الوساطة ونقل المقترحات إلى النجف ربما كان من الضروري أن تواصل أعمالها..
وفي غياب تلك المجموعة يمكن القول إن هناك فراغاً فيما يتصل بالوساطات وهو أمر تشتد الحاجة إليه.
وحتى لو اندلع القتال مجدداً فستكون هناك حاجة لإسكات المدافع في وقت من الأوقات، إلاّ إذا كان هناك توجه بأن تنتهي معركة النجف هذه بفناء أو استئصال أحد طرفي المواجهة، وفي هذه الحالة ربما يكون الحديث عن مذبحة هو الأقرب إلى ما يحدث أو ما سيجري، باعتبار أنّ الاستئصال يعني استخدام قوة نيران مكثفة قد تقضي على الأخضر واليابس، أو بمعنى آخر على المحاربين وغير المحاربين..
والمشكلة أنّ النجف تضاعَف سكانها في اليومين الماضيين من خلال دخول اعداد كبيرة من العراقيين القادمين إليها من مختلف أنحاء البلاد مساندة لمن هم في داخلها من مليشيات..
ولهذا فإنّ الأوضاع تبدو دقيقة، ومن هنا الحاجة الماسة لإزالة التوتر وتقليل احتمالات المواجهة الشاملة، والأسباب الضاغطة تشمل أيضاً حساسية المكان وما قد تثيره المواجهة الأخيرة من احتمال امتداد النيران إلى مواقع قد يدفع اقتحامها إلى حالة من الانفجار أو الهياج والانفلات الذي قد يُخرج القتال من مجرد المواجهات التقليدية إلى حالة قتالية هستيرية يصعب السيطرة عليها..
|