Friday 20th August,200411649العددالجمعة 4 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "أفاق اسلامية"

نبض المداد نبض المداد
الحديث عنها مهم
أحمد بن محمد الجردان(*)

لا تخفى خطورة الابتداع في الدين، فالنبي صلى الله عليه لم يمت إلا وقد اكتمل الدين، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}، وجاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)، متفق عليه، وفي رواية لمسلم:(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، ومن ذلك ما أحدثه المحدثون من بدع خصوا بها شهر رجب حيث لم يصح في فضل صومه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، وإنما يشرع فيه من الصيام ما يشرع في غيره من الشهور.
وقد كان عمر رضي الله عنه ينهى عن صيام رجب لما فيه من التشبه بالجاهلية. وفي فتاوى اللجنة الدائمة (أما تخصيص أيام من رجب بالصوم فلا نعلم له أصلاً في الشرع) ومن بدع هذا الشهر العمرة فيه، فقد دلت الأحاديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رجب، وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتاواه: (أما تخصيص بعض أيام رجب بأي شيء من الأعمال الزيارة وغيرها فلا أصل له لما قرره الإمام أبو شامة في كتاب البدع والحوادث وهو أن تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع لا ينبغي، إذ لا فضل لأي وقت على وقت آخر إلا ما فضله الشرع بنوع من العبادة أو فضل جميع أعمال البر فيه دون غيره ولهذا أنكر العلماء تخصيص شهر رجب بكثرة الاعتمار فيه ولكن لو ذهب الإنسان للعمرة في رجب من غير اعتقاد فضل معين بل كان مصادفة أو لأنه تيسر له في هذا الوقت فلا بأس بذلك)، ومن البدع في هذا الشهر صلاة الرغائب وهذه الصلاة شاعت بعد القرون المفضلة، وبخاصة في المائة الرابعة، وهي تقام في أول ليلة من رجب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (صلاة الرغائب بدعة باتفاق أئمة الدين كمالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي والليث وغيرهم والحديث المروي فيها كذب بإجماع لأهل المعرفة بالحديث)، ومن بدع هذا الشهر قراءة قصة المعراج والاحتفال بها في ليلة السابع والعشرين منه، ولعلي أختم بهذه البدعة ألا وهي تلك الأدعية التي تقال في رجب بخصوصه كلها مبتدعة.
وبعد لعل الحديث عن هذه البدع الرجبية يراه بعض القراء مما لا حاجة إليه في هذه الأيام وهذه الظروف وأن الحاجة تدعو إلى الحديث عن قضايا الساعة واهتمامات الناس وما يشغل بالهم، غير أن الناظر في الواقع مع إيمانه بأهمية الحديث عن الواقع يخرج بضرورة التركيز أيضاً على هذه البدع وغيرها من البدع الأخرى، فالبدعة شأنها عظيم ووبالها عميم، وهي من الطعن في صدق نبي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فمبتدع البدعة ابتداء ما هو إلا منتقص لإبلاغ رسول الله عليه الصلاة والسلام للرسالة وأدائه للأمانة وتبليغه للأمة، كما أن البدعة لا تقف عند حد، فمبتدعو الأمس قد زادوا على من قبلهم ببدع جديدة ومبتدعو اليوم زادوا بدعاً جديدة أيضاً على بدع من سبقهم، وبذلك لا قدر الله تندرس معالم الدين وتفشو الضلالة بدل الهداية، وعندها لا قدر الله سيضيع الناس حين يتخذون رؤوسا جهالا بين المبتدعة أيهم يصدقون وأيهم يتبعون، لذا لا يستهان بالتحذير من هذه البدع بل التحذير منها مع بيانها هو دأب الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وعموم الدعاة إلى الله منذ عهد محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved