* صحيفة الجزيرة - فلسطين المحتلة - بلال أبو دقة:
تحيي قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ذكريات أليمة في نفوس العائلات الفلسطينية المكلومة، التي تتذكر عادة مشاهد القهر الإسرائيلي لذويهم.
وتحتل هذه القضية، التي طفت على السطح حالياً، خاصة وأن الأسرى الفلسطينيين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية، بإضرابهم المفتوح عن الطعام، والذي بدأ منذ منتصف شهر أغسطس الجاري، تحتل الهم الأكبر لدى المواطنين الفلسطينيين، حتى إنها أصبحت شغلهم الشاغل وتحتل الجانب الأوسع في حديثهم اليومي، من خلال متابعتهم أخبارهم، عبر الصحف اليومية أو المؤسسات الفلسطينية التي تعنى بالأسرى وقضيتهم.
ويخشى أهالي الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، على مصير أبنائهم المحرومين من رؤيتهم أو سماع أي أخبار عنهم، سوى القليل الذي يتسرب من خلال محامي نادي الأسير الفلسطيني، ويدخل الطمأنينة إلى قلوبهم.
وتشتد حالة الخوف والقلق لدى الأهالي على أبنائهم داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية، إذ انهمك الأهل في متابعة القضية في ظل إمعان السلطات الإسرائيلية في عدم تلبية مطالب الأسرى العادلة.
وحوّل أهالي، مقرات نادي الأسير الفلسطيني، المنتشرة في شتى المناطق الفلسطينية، إلى مزارات يتوجهون إليها صباح كل يوم، لمتابعة الرسائل التي قد يفلح الأسرى في إخراجها من خلف القضبان، أو من خلال المحامين المكلفين بالدفاع عنهم، حيث يكتظ المكان بأمهات وآباء جنود الحرية المتلهفين لسماع أخبار أبنائهم.
وكان مركز عدالة، طالب يوم الاثنين، الموافق 16 - 8 - 2004 المحكمة العليا الإسرائيلية بإصدار أمر مشروط ضد سلطات السجون الإسرائيلية، يقضي بالسماح لأطفال الأسرى بالاقتراب من آبائهم الأسرى، واحتضانهم خلال زياراتهم.
وقدم المركز، التماساً بهذا الخصوص إلى المحكمة، بواسطة المحامية عبير بكر، نيابة عن عشرة من أطفال الأسرى، وجمعية أنصار السجين.
وكانت سلطات السجون الإسرائيلية، قد سمحت في وقت سابق لأطفال الأسرى السياسيين، دون سن العاشرة، بالاقتراب من أهلهم خلال الخمس عشرة دقيقة الأخيرة من الزيارة، لكنها ألغت هذا الأمر قبل عامين، فأصبح الأطفال يقضون الثلاثين دقيقة المخصصة للزيارة، مرة كل أسبوعين وراء حاجز من الزجاج.
واعتبرت المحامية الفلسطينية بكر في التماسها الذي وصل مكتب الجزيرة نسخة منه أن قرار سلطات السجون منع ذوي الأسرى من الاقتراب منهم غير قانوني، ويمس بحقوق الأطفال الدستورية كالحق في الكرامة، مشيرةً إلى أن سلطات السجون لا تملك الصلاحية لاتخاذه.
وطالبت المحامية الفلسطينية في التماسها من المحكمة الاسرائيلية بإبطال القرار على الفور، خاصةً أنه يميز ضد الأطفال، ويمثل عقابا جماعيا ضدهم.
وقالت إن منع اقتراب الأطفال من آبائهم الأسرى واحتضانهم يزيد شعور الطفل بتجاهل أهله لاحتياجاته العاطفية، كما تؤدي هذه الوضعية من اللقاء إلى الشعور بالهجر والغربة لدى الطفل من جهة والده، الأمر الذي قد يؤدي بنهاية المطاف للجوء الأطفال إلى عالم الإجرام.
وبينت نتائج الأبحاث المرفقة للالتماس الفلسطيني، أن الأطفال الفلسطينيين الذين يزورون أهلهم في السجن تحت ظروفٍ مماثلة يعانون من الاكتئاب، على عكس الأطفال الذين يحظون بزيارات مفتوحة مع أهلهم.
وجاء في الالتماس أن منع اقتراب الأطفال من آبائهم الأسرى يتناقض مع مبدأ مصلحة الطفل، ولا يتماشى مع المواثيق والقوانين الدولية، ويناقض معاهدة الأمم المتحدة لحقوق الطفل.
يذكر أن أطفال الأسرى الفلسطينيين يعانون من صعوبات جمة، إذ إن جيش الاحتلال يضع العديد من العراقيل عند طلبهم الدخول إلى إسرائيل لزيارة آبائهم، الأمر الذي يحرمهم رؤية آبائهم لأشهر .
|