في الحرب على الإرهاب والغلو والتطرف رأينا نجاحات أمنية مذهلة، وشاهدنا وقفة شعبية مبهجة، وطالعنا تغطية إعلامية مميزة.. وهذا واجب علينا جميعا. وهبت كل الجهات المختصة في معالجة هذا الموضوع وفق منطلقاتها الوظيفية وواجباتها الوطنية.. وهذا واجب عليها؛ إذ أن الوضع يتطلب المزيد وبخاصة في الحوادث والأزمات العامة.. لكن الجهة التي مازلنا ننتظر منها المزيد في هذه الظروف هي وزارة الشئون الإسلامية، التي على عاتقها دور كبير في هذه الأزمة.. وبخاصة أننا بدأنا نشاهد في أكثر من بلد إسلامي شقيق مناقشات جادة عن دور المؤسسات الدينية الرسمية في الحرب على الغلو والتطرف.
هذه الدول ناقشت هذا الموضوع حفاظاً على مكانة المؤسسات، وحتى يلتفت لدورها في المستقبل؛ لأن بُعد المؤسسات عن المناقشات والحضور القوي مع المجتمع له دور كبير في عدم اكتراث الناس بها.
وهنا لا أريد أن يكون كلامي نظرياً، لكن الذي دفعني إلى هذا المجال أني رأيت بعض الجهات الثقافية والإعلامية والمراكز البحثية تقوم بدور يذكر فيشكر، وجهود تجير للوطن، لكن هذه الجهود تبقى وليدة مراكز وجهات ليس هذا تخصصها الاساسي.
يؤسفني كثيراً أن أقول انه منذ بدأت أحداث العنف في بلادنا أصدر مُنَظِّرو هذه الفئة المنحرفة عشرات الكتب والدراسات مع مجلتين منتظمتي الصدور وعدة أفلام مرئية ومواد سمعية وتقارير ومناشط ثقافية وفكرية منحرفة.. لن أكون متشائماً فأقول إن هذه الكتب قد كتب لها القبول بين الناس، لكن ما أجزم به أنها ليست بالغائبة عنهم وحضورها أكثر من حضور الردود عليها.
ولن أسوق لهذه الاصدارات التي بثتها هذه الفئة الضالة، لكني أجزم بأن في بعضها تأثيراً على بعض الشرائح وبخاصة شريحتي الشباب ومن يصطاد في الماء العكر من المقيمين في الداخل أو الخارج.
والسؤال الذي سأقوله بكل صراحة: كم نسبة ما قدمته الوزارة في هذا المجال قياساً بما قدمته هذه الفئة؟؟.
حتى من رجع إلى جادة الصواب من أرباب الفكري التكفيري فهو إما عاد عن طريق الأجهزة الأمنية أو عن طريق جهود شخصية من بعض الدعاة والمصلحين الذين لا يختلف اثنان أنها لا تجير للوزارة ولا تحسب لها.
هل نفشي سراً حين نقول إن بعض الجهات الحكومية والإعلامية لم تنتظر توجيها فهبت من نفسها لترد على هذه الأفكار، وكأنه عملها وتخصصها مع أنها متطوعة؟!نحن نطالب الوزارة بمناقشة هذا الفكر قبل أن يستشري، ونطالب الوزارة بحضور إعلامي يتناسب وهذه الوزارة التي يفترض منها أن يكون لها حضور ملموس.
قد يقول قائل إن الوزارة فعلت وقامت بكذا وكذا.. ونحن نقول: كثير مما يذكر كنا ومازلنا نسمعه، اما حضوره أمام المواطن فنرجو أن يكون ذلك.
وفي الختام، وقبل أن يلقى القلم عصا التسيار.. آمل أن نعي جميعا أن النقد هو فرع من ظننا الحسن بالوزارة وإمكاناتها الثقافية والفكرية القوية، ومطالبتنا لها بالمزيد، وكلما قدمت لنا الوزارة من عمل فسنطالب بالأكثر؛ لأننا نثق بها كثيراً ونثق أكثر بالدعم المادي والمعنوي الذي يخصه ولاة الأمر لهذا المرفق الهام جداً.
فاكس : 2092858
|