Friday 20th August,200411649العددالجمعة 4 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

قراءة في: الفتنة لم تعد نائمة 2 - 3 قراءة في: الفتنة لم تعد نائمة 2 - 3
د. محمد بن سعد الشويعر

في مواصلة مسيرتنا مع الأستاذ حماد السالمي في كتابه هذا، الذي خصّص موضوعاته لتتلاءم مع العنوان الذي دعاه إليه الأحداث التي دُبّرت ضد الحرمين الشريفين وحماتهما، بواسطة شباب غُسلت أدمغتهم ليؤدوا عملاً يُرضي نزعة أعداء الأمة، إذ نراه في الموضوع (9)، يضع عنواناً جذاباً هو معركة المصحف والساطور والتّرمس (89 - 97) يكشف فيه نوايا الفئة الضّالة، حيث كشف رجال الأمن وكراً من أوكارهم بمكة المكرمة، أعدّوه لحرب المسلمين الآمنين الغافلين في بيت الله الحرام، ومن ضمن عدّتهم هذه أدوات لم تكن في الأصل كذلك: مصحف وساطور وترمس، ويتساءل ماذا يعني وجود المصحف الملغّم، إلى جانب عجائن المتفجرات؟ والساطور المسنّن إلى الكلاشنكوف والتّرمس المزجّج إلى جانب القنبلة اليدوية، بل ماذا يعني كل ذلك إلى جانب لحى صناعية، وشعور رأس مصنّعة، وألبسة وأصباغ نسائية وأكثر من هذا كله ماذا يعني وجود نساء مع أدوات التفجير والتّزوير في أيدي حفنة من الصبيان والشبّان الحمقى، في شقة يشركّونها لتنفيذ عمليات تفجير وتدمير وسط المصلين العاكفين في بيت الله الحرام وبجوار الكعبة المشرفة؟
ليخلص إلى الحكم: بأن عقلية بهذه الطريقة المدمّرة لا يمكن أن تكون سويّة، وبسببهم وقع أعداؤنا جميعهم فينا نتيجة الحمق والجهل.
وقد أجاد المؤلف عندما عقَّب قائلاً على من يناصرهم تضامناً أو جهلاً بمقاصدهم: عجباً لمن يلبسهم لباساً دينياً إسلامياً ليقنع به نفسه ويعطي الانطباع للآخرين بأن الله يريد هذا.. كذباً على الله وافتراءً على رسوله.
ومكّن ما ذكر بالمقال (10)، ليرد على من عنده شبهة، ويثبّت المدرك لحقائق الأحداث ومن وراءها وذلك بعرض نماذج من فتاوى العلماء المعتبرين في مثل هذه النّوازل (101 - 108) مثل الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ ابن غصون - رحمهم الله -، والشيخ صالح اللحيدان، والشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة، وسعد بن عتيق، وعمر بن سليم - رحمهما الله - وصالح الفوزان وهيئة كبار العلماء.
ويتساءل: لماذا لا يتسع نطاق الكتب التي فيها فتاوى وآراء هؤلاء العلماء بين الشباب وفي المساجد ومكتبات المدارس بدل ما هي مشحونة به من فكر وافد، وآراء كتّاب يدعون للحزبية والفساد.. لما في ذلك من مساعدة على تحسين أفكار الشباب.
وفي موضوعه (11) (110 - 120) نراه يورد بأمانة تعقيب الأخ عبدالله الهواري من الرياض، على إحدى مقالاته الذي طلب نشره أداء للأمانة المهنية لأنه سيسأله عنها أمام الله يوم القيامة، وقد نشر مقالته كاملة، وعقَّب عليها فيما يتفق معه وما يختلف معه، فقد اتفق معه في قوله: إن تفجيرات الرياض: لا يمكن أن يقوم بها مسلم، وصدّقه: لأن القتل والتدمير والإرهاب هي من أفعال القتلة المجرمين، والمفسدين في الأرض.
وبالنسبة لانتقاد الشيخ عبدالله الفاضل فقد ترك الردّ عليه للشيخ نفسه، وأما ما أقسم عليه الهواري: بأن أحداث الرياض وما قبلها وما بعدها، هي من تدبير اليد الخفيّة، ويعني بها إسرائيل وأميركا.. ويتساءل من أين توصّلت لهذه المعلومات المهمة؟؟.
وفي الموضوع (12) (122 - 131) تحت عنوان: تجاوزات كبيرة، واجتهادات خطيرة، أشار فيه إلى البيان الصادر عن مجلس الوزراء: إلى أن سمو ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز، قد حثّ أبناءه الطلاب على استثمار الفرص المتاحة لهم في الإجازة بملء فراغهم، والاستفادة من وجود المراكز التّربويّة الصيفية، المنتشرة في أنحاء المملكة، وقد قرأ المؤلف هذه التوصية فشعر بكثير من الاطمئنان والارتياح، خاصة وأنها نصّت على مهام ومناشط: رياضية وثقافية واجتماعية وعلميّة، كدنا ننساها مع مرور الوقت، في المراكز الطلابية الصيفيّة، وأعادت توصية سموه للذاكرة ما كان يُقام في صيف الطائف في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وانتقد بلطف ما يُقام في المناطق إدارياً، بوجود تجاوزات كثيرة وكبيرة، واجتهادات خطيرة تجرى في حقّ أبنائنا، والتي لا ينبغي السكوت عليها بحال من الأحوال، وهذا ما يعرفه جيداً، وما قال ذلك في نظري: إلاّ لإدراكه العميق مواطن الخلل خاصة وأنه بحكم عمله التّربويّ سنين طويلة قد خبر الأمور، وانصهر في بوتقة المناشط الطلابية، ولديه موازنة عمّا تمَّ في مؤخر القرن المنصرم، وما يتم بعد ذلك والعمل في الميدان والخبرة لها دورها الكبير، ويُقال في المثل: اسأل مجرّباً ولا تسأل طبيباً. وقد أورد نماذج من رأيه في المراكز، كما حصل في الزلفي.. ويرى أهمية القضاء على كافة الفساد الإداريّ، ومن أخطرها: التجاوزات الإدارية والمالية واستغلال النفوذ.
وموضوعه المهم والخطير هو (13) بعنوان: تكفيريّ تائب (ص 134 - 145) تحدث هذا التائب في عدد الجزيرة يوم الجمعة 4 جمادى الأولى 1424ه، جاء فيه معلومات خطيرة أوردها هذا التائب كثيرة منها: أن دعاة التكفير يستهدفون صغار السنّ ما دون العشرين فيحتوون الشباب حديثي الاستقامة وجذبهم للأرصفة عن طريق دعاتهم، ثم تأتي المرحلة الثانية بأخذهم للاستراحات وتزويدهم ب(الأشرطة والمنشورات والكتيبات) التي تكفّر الحكام والعلماء، وتحثّ على الخروج عليهم ومن تلك المنشورات التكفيرية ما هو منسوب إلى المقدسيّ والمسعريّ، وسيد قطب ومجلة السموّ، وسعيد عبد الغني والسروري، إلى جانب الأشرطة الصّوتية وكتب تدعو للفساد وجهاد ولاة الأمر والخروج عليهم مثل: الباحث عن حكم قتل أفراد وضباط المباحث، وكتاب: كيف تصنع المتفجرات، وكتاب: تعلم صنع السمّ القاتل بطريقة سهلة، وغيرها من الكتب التي تجيز القتل، وتحضّ على التدّمير والتخريب، إلى جانب مقالات تجيز حكم التّستر على الخلايا الإرهابية.
وغير هذا من أمور كبيرة وخطيرة، ممّا يجب معه تكثيف الجهود في قنوات متعددة لاجتثاث هذا الفكر واستعمال الهدوء في الحوار ومناقشة العقول لتستيقظ، وبيان خطأ ابن لادن ومن سار معه في هذا المنهج الذي يتباين مع دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وامتثال طاعة الله.
ويباين بين فكر وفتاوى الضّالين كتابان، أُعجب بهما المؤلف فجعلهما موضوعه (14) (ص 48 - 159) تحت عنوان: كتاب في عين الإرهاب، هذان الكتابان انتقاهما من بين الكتب الكثيرة التي أُهديت إليه في الفترة الأخيرة وتوقف عندهما، هما: 1- فتاوى الأمة في النوازل المدلهمة: لجامعه: محمد بن حسين القحطاني، 2 - الفتاوى الشرعية، في القضايا العصرية لجامعه ومعدّه: محمد بن فهد الحصيّن.
وقال عنهما: إن قيمة الكتب لا تتحدد بمحتواها العلمي ولكن ارتباطها بنازلة كونية، أو حادثة من الحوادث العصرية، يُضفي عليها المزيد من الأهمية، وهذا هو الذي رجح عنده أهمية تقديم الكتابين: لأنهما يتناولان تحديداً، آراء حاسمة في قضايا قاصمة.
فالإرهاب الفكري والنفسي والجسدي، هو موضوع الساعة، والتطرف بجانبيه الفكري والسلوكي هو موضوع الساعة، وشيوع الفتن، ومفهوم الجهاد وأحكامه وضوابطه هو موضوع الساعة.. وقد استعرضهما، وخاصة الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية وأثنى عليهما.
وليت المؤلف مع ذلك أوصى بانتشارهما في المدارس وعند الشباب، وبالكتب المماثلة النافعة لأن هذا من أساليب العلاج.
يا سارية الجبل
ذكر ابن كثير في حوادث عام 23هـ، قصة تُنبىء عن قدرة الله، ونصره لعباده المجاهدين في سبيله، ولإعلاء كلمة التوحيد ونشر دين الله في الأرض وتبليغه عباد الله بنيّة صادقة، وإيمان قويّ فقال: سارية بن زنيم كان على رأس جيش في بلاد فارس، فقد مدناً فارسية، فاجتمع عليه جموع من الفرس والأكراد عظيمة ودهم المسلمين منهم أمر عظيم، وجمع كثير.
وأن عمر بن الخطاب بينما هو يخطب يوم الجمعة إذْ قال: يا سارية بن زنيم الجبل الجبل، وفجأة التجأ المسلمون إلى جبل هناك، فلم يقدر العدوّ عليهم، إلاّ من جهة واحدة فأظفرهم الله بهم، وفتحوا البلد وغنموا غنماً كثيراً، فكان من جملة ذلك سفط من جوهر، فاستوهبه سارية من المسلمين لعمر.
فلما وصل الرسول بالسّفط مع الأخماس إلى المدينة جاء إلى عمر فوجده قائماً في يده عصا وهو يطعم المسلمين سماطهم.. فلما رآه عمر قال له: اجلس - ولم يعرفه -، فجلس الرجل فأكل مع الناس، فلما فرغوا انطلق الرجل إلى بيته واتبعه الرجل، فاستأذن فأذن له، وإذا هو قد وضع له خبزاً وزيتاً وملحاً.. فقال: ادن فكل.. قال فجلست معه وأكلنا.. فلما فرغا.
قال: أنا رسول سارية إليك يا أمير المؤمنين ثم سأله عن سارية بن زنيم فأخبره ثم ذكر له شأن السّفط من الجوهر فأبى أن يقبله، وأمره أن يرده إلى الجند وكان في رسالة سارية لعمر: إن الله قد فتح علينا يوم الجمعة ساعة كذا وكذا.. لتلك الساعة التي خرج فيها عمر، فتكلم على المنبر، كما قال سارية: فسمعت صوتاً: يا سارية بن زنيم الجبل، ياسارية بن زنيم الجبل.. ظلم من استرعى الذئب الغنم، فعلوت بأصحابي الجبل، ونحن قبل ذلك في بطن وادٍ، ونحن محاصرو العدوّ، ففتح الله علينا.. فقيل لعمر: ما ذلك الكلام؟ فقال: والله ما ألقيت له، إلاّ بشيء أُلقي على لساني. (البداية والنهاية 7: 131 - 132).


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved