إن ما تزخر به بلادنا من مواهب ناشئة في الفن التشكيلي لتأكيد كبير لأهمية ذلك الدور بقيمه الاجماليه اذ يعتبر هذا الفن اقرب نقطة لترجمة الاحساس البشري.. وقد يفشل موسيقار بارع في ترجمة احساسه وتسخير مواهبه لكي تفهم وتهضم ولكن لغة اللون أصبحت قادرة على اذابة الجليد الذي يغطي غلالة النفوس فتستشفها كلغة حية قادرة على مخاطبة العقل الباطن.. واختراق حاجز الشعور والوجدان.
ورغم ما للفن التشكيلي من اهمية كبرى في عالم الفنون من ادب وموسيقى وغناء.. الخ الا ان هذا الفن في بلادنا ما زال في معزل عن الجماهير.. فهي لا تتذوقه.. وتقبل عليه كما تتذوق الغناء مثلاً.. وليس في الأمر غرابة حيث ان هذا الفن لم يطرق باب المجتمع الا منذ فترة وجيزة ليست كافية للتعريف على هذا الفن.. عندما دأب معظم الفنانين التشكيليين على اقامة المعارض الفنية واقامتها في أماكن معزولة قد تكون سبباً رئيساً في عزلها عن البيئة غير المدركة لهذا الفن.! وهي الفئة التي نحن بحاجة الى تثقيفها وتعريفها بهذا الفن الجمالي.. وتلك المعارض الفنية والتي لا تقام غالباً الا في الفنادق.. قد لا يتأتى لها النجاح بحكم محدودية روادها.. ممن تشبعوا بهذا الفن وتعمقوا في فهمه وادراكه.
وهذه الطبقة وحدها لا تستطيع ان تنعش هذا الفن.. وتجعله محبباً ومقرباً الى الناس كافة ولو حبذت ذلك وتمنته.. وحبذا لو دأب فنانونا التشكيليون على اقامة معارضهم في الاحياء الشعبية حتى ولو كلفهم ذلك خسائر مادية.. ولكنها ستحقق مكاسب اخرى معنوية.. وتثقيفية.. مع ان هذا لا يمنع من نقلها في الأماكن التي يشاؤون اقامتها بها لقربها من متذوقي هذا الفن.. ومستهلكيه.. ربما قد نكون حطمنا سياج العزلة.. واستطعنا بذلك تحقيق ما نؤمل.. ونتوخى.. ولكي نقود تلك المواهب الغضة التي تزخر بها المدارس الى الاعيان بهذا الفن والطمأنينة عليه.. وكم من مرة شدنا فيها أعمال نمقتها براعم صغيرة بيراع فذ.. وقدرة فطرية خارقة.. لهي بأشد الحاجة الى مؤازرة وتدعيم.. لكي تتفتح تلك الزهور من أكمامها لكي ترى النور.. وتعرف ما هو الفن التشكيلي..؟ مناهجه.. ومناحيه..؟ خاصة وان هناك العديد من تلك المواهب الفنية لا تعرف مدارس الفن.. ومذاهبه.. فيُخلط بين الفن الكلاسيكي والسريالي.. ولا يفقه التأثيري من التعبيري.. لا سيما وان معظم هذه المواهب قد تحقق لها دراسة هذا الفن كتخصص علمي الا انه بحكم تقوقعها.. وركودها ضيَّعت ما أصلح العطار.. فالدراسات النظرية قد تفشل في تحقيق اهدافها ما لم تتهيأ لها التجربة والمران التطبيقي وبذلك نكسب الموهبة شيئاً من الخبرة لنضفي على الجانب الفطري عاملاً آخر من النجاح.. وكم لدينا من موهبة تراكم عليها الصدأ فطمر الابداع فيها وغلَّفها بغبار النسيان.
وبالرغم من ذلك لدينا فنانون استطاعوا استحواذ اعجاب وتقدير الفنانين العالميين.. بل زاحموهم.. ونافسوهم امثال (الرضوي والحماد والسليم) وهناك غيرهم ممن لم تحضرني اسماؤهم ممن شاركوا في المعرض الفني الذي تبنته رعاية الشباب بوزارة العمل وساهمت فيه أندية المملكة.. وحبذا لو تبنت رعاية الشباب بوزارة العمل والشئون الاجتماعية فكرة اقامة مواسم فنية تقام بها المعارض وتُهيأ للمواهب فرص في تنمية قدراتهم الفنية تحت اشراف مختصين وليس ذلك ببعيد على همة سمو الأمير فيصل بن فهد المدير العام لرعاية الشباب الذي عوَّدنا بتحفزه وتوثبه على الاهتمام بشئون الشباب ورعايتهم في شتى الميادين.. فبالرغم من حداثته في هذا المنصب فقد تحقق الكثير من آمالنا فهو أهل لذلك يستحق منا الشكر والثناء.. والدعاء بالتوفيق المستمر.
|