حمل خطاب الرئيس الفلسطيني أمس أمام المجلس الوطني رسالة سلام واضحة إلى اسرائيل، بينما كانت أيديهالا تزال تقطر دما من المجزرة التي ارتكبتها في غزة قبل ساعات من خطاب عرفات..وفي الخطاب كل ما يمكن ان يعين على تلمس سبل السلام، وما يمكن ان يشكل بداية جديدة لاستئناف الجهود باتجاه التسوية.لكن اسرائيل التي تخلق كل ما هو غير موات للسلام لا يتوقع منها، كما هو الحال في كل مرة ان تستجيب للسلام والأحرى أن نرى منها ما يحفز على المواجهة والتوتر.
فالخطاب الرئاسي الفلسطيني تجاوز كل الظروف الصعبة بما في ذلك دماء الشهداء وهي لا تزال ساخنة في حي الشجاعية بغزة إلى جانب مأساة الالاف من الاسرى الذين بدأوا اضرابهم عن الطعام فيما يعرف ب(انتفاضة الاسرى)، فقد تجاوز عرفات كل تلك الوقائع ليحث إسرائيل على السلام..
و هذه الصيغة للمبادرات السلمية الفلسطينية والتجاهل الإسرائيلي تتكرر باستمرار في إطار الرغبة بل السياسة الإسرائيلية التي لا تتفق مع كل ما هو مطروح على ساحة التسوية، فإسرائيل لها تسويتها الخاصة التي لا ترضى بديلا عنها وهي للاسف تجد من يقف مع اطروحاتها الظالمة في التسوية، وهو مايشجعها على التشدد..
وسيجد الفلسطينيون في كل مرة ان عليهم ان يبذلوا ما بوسعهم لارضاء اسرائيل إلى الدرجة التي تجعلهم يقتربون من الخطوط الحمراء التي توافقوا على عدم تجاوزها، لكن إسرائيل تراهن دائما على امكانية تجاوز تلك الخطوط ما يعني الخضوع لشروطها وهي تعتقد انه من خلال الضغط والقمع يمكنها ان تحصل على ما تريد لكن اسرائيل لا تتعلم من كل هذه التجارب إنه لا يمكن الحصول على ذلك الخضوع..
وسيظل مأزق السلام قائماً ما دامت العقلية الإسرائيلية هي عقلية المحتل الذي يريد ان يحصل على كل شيء دون ان يقدم شيئا، وهكذا ايضا ستظل آفاق السلام قاتمة طالما ان المجتمع الدولي لا يتحرك بما يتفق والمخاطر التي تشكلها السياسات الاسرائيلية الرافضة للسلام على المنطقة وعلى العالم أجمع..
|