ماهو الجواب الذي يمكن أن تردَّ به أجهزة إعلامنا المختلفة، في نقطة مثيرة، وهي سحب هموم المجتمع المحلي وأرقه ومشكلاته إلى خارج الحدود، وتحديدا عبر القنوات العربية الأخرى؟
هل سيجيبنا أحد المسؤولين بأنها اهميتنا المجردة، كون كل ما ينطلق من هنا يراهن على الإثارة والاستقطاب؟
لا أدري، فالجواب يحمل استفهامات تشي معظمها بعجزنا عن احتواء هذا القلق الذي أفرزه التراكم، وباتت الحلول أشبه بالتنظيرات البعيدة عن الواقع، أمَّا الخيال فإنه لنا.
قبل أن أستجيب لهذا الفضول، فإن هناك برهانا آخر على الفائض المحلي الذي يصدّر نفسه، ويقدمها متجاوزاً الحدود, وهاهو أحد الكتاب السعوديين المتميزين يصبح مذيعا فجأة، في قناة فضائية عربية، بدلا من الاستفادة منه هنا، يحاور ويطرح الأسئلة في فضاء مريح، بينما تبقى برامجنا المحلية في التلفزيون كما هي، حبيسة الروتين والإخراج التقليدي وإعداد الضيوف والأسئلة باستثناء بعضها القليل جدا.
أما الشأن الآخر المثير للدهشة، فهو ماحدث على القناة نفسها من مناقشة مشكلاتنا العاطلة والمتوقفة عن العمل، إلى جانب إعطاءالفرص للشباب العاطل، ويتصل ذلك بشجون أخرى جديرة بالطرح فعلا، لكن، أين ؟
في قناة خليجية وليس إحدى القنوات الدولية التي نعلم أنها محلية الطابع والأساس.
لماذا نقبل أن نتخطى الحدود ونبث الهموم لأصحابها من بعيد، كونها تهم شريحة كبرى ممن لا يملكون في الأساس أطباقاً فضائية سوى قناتهم الأولى؟ وكيف نصبح للآخرين مادة مسجلة كي يصبح الموضوع مثيرا وساخنا؟ قد لا نجد في المنطق حول هذه النقاط سوى اننا شعب متأزم بنفسه، بعد ان اصبحنا جدلا عاما ومقبولا للجميع، فلو عطسنا او تعثر أحدنا في لقمته تسابقت القنوات الاعلامية لالتقاط الأسباب.
هذا وقد اصبحنا مادة للآخرين تحرض على المتابعة واستقطاب المشاهدين الذين يسجل السعوديون النسبة الأعلى التي ترفع اسهم السوق الاعلامية وغيرها، وكأننا اللقمة المباركة التي يعم نفعها الجميع إلا انفسنا، فبينما تهاجر الطاقات الإعلامية، تهاجر الحلول ايضا والمقترحات ونسمع جدلها من بعيد.
أو أليس الأجدر والأجدى مناقشة هذه المشكلات محليا لأنها يفترض ألا تهم سوى المواطن بدلاًً من نشرها على الغسيل الفضائي، وقصر الحوارات الخارجية على القضايا الخارجية ؟!
سؤال مطروح للنقاش ليس إلا.
|