Thursday 19th August,200411648العددالخميس 3 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الثقافية"

المعاجم اللغوية.. تاريخها وتطورها المعاجم اللغوية.. تاريخها وتطورها
منيرة المبدل *

إن معرفة المعاجم اللغوية طريقها إلى جميع لغات العالم لظاهرة طبيعية صحية، وذلك من منطلق حرص أبناء هذه اللغات على لغاتهم، واللغة العربية، كسائر لغات العالم، عرفت المعاجم اللغوية منذ وقت مبكر مع اختلاف الروايات لمن له حق الصدارة أولا في صناعة المعاجم.
فالعرب في جاهليتهم ومع انبثاق فجر الإسلام، لم يكونوا في حاجة إلى دراسة لغتهم العربية التي كانت فطرة وسليقة على ألسنتهم، أو في حاجة لتأليف المعاجم والكتب في ذلك لأن إدراكهم لمدلولات الألفاظ ومعاني المفردات يفوق كل تصور، فدرجة تمكنهم على أعلى درجة ومستوى.
ولقد كان هذا وراء تأخر العرب نسبيا عن الدرس اللغوي: بحثا وتأليفا ومما يُروى لنا من تاريخ الأمم أن صناعة المعاجم بدأت منذ عهد سحيق على يد الهنود واليونانيين والمصريين القدماء والصينيين، حيث تحققت لدى جميع هذه الأمم المنظور الفكري والبنية المعجمية.
وقد ذكر أحمد عبدالغفور عطار أن الآشوريين: (عرفوا المعاجم قبل العرب بأكثر من ألف سنة) .
هذا وقد نمت فكرة المعجم الشامل في أذهان اللغويين العرب في العصر الوسيط، وبدأ هذا المسار مع نزول القرآن الكريم، حين وقف العرب مبهورين بروعة النسج وائتلاف الكلم، فتوقفوا عند ألفاظه ومعانيه. حيث بدأت المحاولات الجادة في جمع اللغة تحقيقا لخدمة تفسير ومعرفة غريب القرآن، ثم في المرتبة التي تليها: غريب الحديث النبوي الشريف. ولقد كانت هذه المحاولات تنبئ عن ولادة فكرة المعجم في الذهن العربي خاصة بعد اتساع الرقعة الإسلامية، واختلاط العرب بغيرهم من الأعاجم حيث يمكننا القول إن هذه المرحلة تمثل انطلاقة ما يسمى: الغيرة اللغوية - إن جاز لي التعبير - فقد انطلق اللغويون يجمعون اللغة خوفا عليها من اللحن وشيوع الأخطاء اللغوية وبدأت الرحلات العلمية، وقوافل طلاب اللغة تسير شطر البادية حيث منابع العربية الفصحى النقية التي لم تَشُبْها شائبة. وقد عرف الكثير من علماء اللغة الذين أخذوا اللغة من الأعراب من أمثال: الأصمعي وعمرو بن أبي العلاء وغيرهم، كما كانت هذه الفترة أشبه بفترة التخصص اللغوي، والذي بات واضحا من خلال البحث والتأليف وقيام حلقات ومجالس خاصة لهذا الغرض، وكانت أقرب إلى النواة الأولى لصناعة المعاجم التي تعتبر صناعة متقدمة بالنسبة للعرب..
وعندما نقف قليلا حول مفهوم (المعجم) فهو كل كتاب يجمع كلمات لغة ما، ويشرحها ويوضح معناها، ويرتبها بشكل معين، وتكون تسمية هذا النوع من الكتب معجما، إما لأنه مرتب على حروف المعجم (الحروف الهجائية) ، وإما لأنه قد أزيل أي غموض أو إبهام فيه. وقد عرفت العرب هذا المفهوم من الكتب في حوالي منتصف القرن الثاني الهجري حينما ألف الخليل بن أحمد الفراهيدي (100 - 175هـ) معجمه الشهير (العين) وثمة أمر آخر لا بد من الالتفات إليه وهو أن المعاجم العربية حتى فترة متأخرة لم تكن تحمل مع أسمائها لفظة (المعجم) أو (القاموس) لكنها لما احتوت المادة التي يحمل دلالتها المصطلح، أطلق عليها معاجم أو قواميس وهذا لا يغير من الحقيقة في شيء بأن العرب في مجال صناعة المعاجم يحتلون مكان المركز سواء في الزمان أو المكان بالنسبة للعالم القديم أو الحديث، وبالنسبة للشرق أم الغرب..
وتختلف المعاجم حسب تصنيفها إلى عدة أنواع وهي: معجم المعاني مثل: (المخصص لابن سيده) ، معاجم الترتيب الصوتي مثل: (العين للفراهيدي) ، ومعاجم الأبنية مثل: (ديوان الأدب للفارابي) ، ومعاجم الترتيب الألفبائي حسب أوائل الكلمات بعد التجريد مثل: (المعجم الوسيط) ، ومعاجم الألفبائي حسب أواخر الكلمات بعد التجريد مثل: (لسان العرب لابن منظور) .
كما يمكننا حصر أهم وظائف المعاجم في: ذكر المعنى، وبيان النطق، وتحديد الرسم الإملائي أو الهجاء، والتأصيل الاشتقاقي، والمعلومات الصرفية والنحوية، ومعلومات الاستعمال، والمعلومات الموسوعية. أما أنصار المعاجم المعاصرة فقد وضعوا هدفهم الوظيفي لتحقيق الجانب التعليمي والتربوي لأبناء اللغة. بينما يبقى الهدف العام للمعاجم والمتمثل في حفظ اللغة بشقيها: اللفظي والمعنوي. وقد تطورت صناعة المعاجم تدريجيا من الأدوات والتقنيات البسيطة، إلى تقنيات حديثة ومتطورة وذلك حسب تطور العصر، وبدأ الحاسب الآلي يشق طريقه وبقوة في هذا المجال.
الهوامش
* كتاب المدارس المعجمية: دراسة في البنية التركيبية، د.عبدالقادر عبدالجليل، دار صفاء للنشر والتوزيع ى، ط1، ص77
*انظر: المرجع السابق، الفصل الثالث (الكمبيوتر وصناعة المعاجم) ، ص9 .

* عمادة الدراسات العليا -جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved