* رؤية وتحليل - علي العبدالله:
يعتبر الفنان عبدالله الرويشد واحدا من عشاق الأغنية الرومانسية وسجله الفني يشهد بذلك، فالمتابع الجيد لمعظم ألبوماته يلاحظ انه نجح بتفوق في تقديم اجمل الاغاني الرومانسية منها: وعدتني، ما يهم، ضمني، صمت الوداع
ولا أبالغ إذا قلت ان الرويشد واحد من نجوم الاغنية الرومانسية الذين باتوا يعدون على أصابع اليد الواحدة، في الوقت الذي نشهد فيه شحا في هذا الجانب من الأغنية.
صمت الوداع
قدم الرويشد في ألبومه الأخير (الشوق والدمعة) واحدة من أروع الاغاني الرومانسية التي انضمت الى كوكبة رفيقاتها في سجل الاغنية الخليجية حيث ظهرت أغنية (صمت الوداع) بشكل متكامل فكلماتها التي صاغها الشاعر (الناصر) وصلت الى أعماق قلوب المستمعين لما تحويه من جمال وروعة حيث بدأت الأغنية بحبيب يحاول أن يشرح لحبيبته مدى حبه لها بادئا بكلمة تلقائية ومعبرة: (لو سمحتي اسمعيني زين)
ويصف حياته بعد رحيلها بالمظلمة طالبا منها ان ترحمه وترحم قلبه الذي خيم عليه الحزن بعد غيابها عنه، ثم ينتقل بنا الشاعر الى تعبير جميل جدا عندما وصف حال عدم استقراره العاطفي بتشبيه خيالي مميز حيث شبه حالة الضياع التي يعيشها كالمركب الذي يسير في دروب الهوى تتقاذفه الأمواج التي لا ترحم كيفما تشاء لأنه بلا شراع!! ووجه الشبه هنا بلا شك الافتقار للاستقرار وبالتالي الضياع.
قد يمر هذا البيت مرور الكرام على بعض المستمعين الذين يعيشون في استقرار عاطفي، أما الذين يتخبطون في دروب الهوى فهم حتما سيقفون عند هذا البيت طويلا لما يعمل في طياته من صور تركيبية جميلة.
بعد ذلك يسجل الحبيب اعترافه الصريح والواضح لمحبوبته واصفا اياه بنبض القلب وأول حب وآخر حب، ثم ينتقل بنا الشاعر لمعاتبة هادئة ورقيقة بكلمات مفعمة بالشوق والحب عندم نفى أن تكون الظروف قد وقفت سدا منيعا بينه وبين من يحب ثم يعود برومانسية عالية ليناجي حبيبته قائلا:
تعرفين اش كثر احبك
وحدي دربي ودربك
وخلي العلم تشوف
ليسدل الستار على واحدة من أغاني الروماسية الخالدة.
الرويشد والخبرة
ما يميز الفنان عبدالله الرويشد في هذه الأغنية هو تحكمه الكامل والواضح في طبقة صوته حيث أعطى كل جزء في الاغنية حقه من مد وجزر وايقاع هادئ أو مرتفع وفي اعتقادي أن خبرته الفنية جعلته يتعامل بنضج فني مع هذه اللوحة الغنائية المتكاملة، وهذا التميز ليس بغريب على الرويشد فقد لاحظنا ذلك في أغنيتي: ضمني، وما يهم
الألحان
بمجرد سماعي رائعة (صمت الوداع) استنتجت ان الحان هذه الاغنية لا يمكن ان تخرج من عقلية موسيقية عادية وذلك لما فيها من تناغم موسيقي مميز ونقلات موزعة بشكل أكاديمي عندها عرفت ان من يقف وراءها واحد من عمالقة الموسيقى العربية وهو المسيقار د.عبدالرب إدريس الذي وظف امكاناته العالية في تلحينها وذكرنا بواحدة من روائعه الموسيقية التي لن تنسى كأغنية (المسافر) التي شدا بها السندباد عام 1996م.
ولا تفوتنا الاشادة هنا بالموسيقار طارق عاكف الذي أكمل ما تبقى من هذه اللوحة الفنية الرائعة وقام بتوزيعها موسيقيا بعناية فائقة وحس موسيقي جيد.
|