* الرياض - صالح العيد:
كثف معالي وزير التربية والتعليم الدكتور محمد بن أحمد الرشيد من الحلول الناجعة للتغلب على التحديات العديدة التي يواجهها التعليم في بلادنا وغيرها من البلاد التي تفرضها طبيعة العصر, ومنها التكاليف المالية المرهقة لميزانيات الدول، ومشكلة المواصلات ذهاباً إلى المؤسسات التعليمية، وإياباً منها.. تنفيذ (مشروع التعلم عن بعد)، وأوضح معاليه في الكلمة التي ألقاها أمام ولي العهد في حفل افتتاح كلية الآداب، والإذن ببدء المرحلة الثانية لكليات البنات بالرياض أن هذا المشروع سيتم تطبيقه - بإذن الله - مع بداية الفصل الدراسي الأول للعام الجامعي القادم 1425- 1426هـ- إن شاء الله- وبيّن معاليه أن المشروع عبارة عن إنشاء مركز رئيس في الرياض يتم من خلاله بث المحاضرات حية إلى جميع كليات البنات في المملكة عبر الأقمار الصناعية بالإضافة إلى تصميم ونشر المقررات الدراسية من خلال موقع خاص على شبكة الإنترنت.
وبيّن الدكتور الرشيد أنه تم ترسية المشروع على إحدى الشركات الوطنية وتوقع معاليه أن ينتهي في غضون أشهر قليلة.
وعد معالي وزير التربية والتعليم هذه الخطوة في طريق العلم الصاعد نحو تحقيق الأمل المقرون بالعمل بتوفيق الله وعونه ثم برعاية حانية من قيادتنا الرشيدة وجد واجتهاد أبناء هذا الوطن المعطاء.
(الجزيرة) التقت سعادة الأستاذ الدكتور عبدالله بن علي الحصين وكيل كليات البنات ليلقي مزيدا من الضوء على هذا المشروع، وقال: شهدت العقود الثلاثة الماضية ثورة في مجال التعليم حول العالم وطريق تنفيذه، فعلى الرغم من أن الإنسان يمارس التعليم بصوره المختلفة منذ آلاف السنين، وعلى الرغم من تحديث نظريات التعليم خلال القرن الماضي، إلا أننا نقف الآن على أعتاب ثورة جديدة في التعليم تستمد مقوماتها من التقدم المذهل في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومن أهم هذه التطبيقات ظهور التعليم عن بعد، وبين الدكتور الحصين أن التعليم عن بعد هو عملية تعليمية تتحقق بتخطي المسافة الجغرافية بين الطالب والمعلم باستخدام وسيلة تقنية مناسبة، كما يمكن تعريف التعليم عن بعد على أنه تطبيق لتقنيات الاتصالات والأجهزة الإلكترونية يمكن الطلاب والدارسين من استقبال المواد التعليمية التي يتم بثها من مكان بعيد عنهم.
وبيّن أنه سبق لكليات البنات تطبيق أحد أساليب التعليم عن بعد منذ إنشاء الكليات، ولكن على مستوى الكلية الواحدة فقط، حيث ألحق بمبنى محاضرات الأعضاء من العنصر الرجالي إلى داخل قاعات مخصصة ومجهزة لهذه المحاضرات.
وأشار الدكتور الحصين إلى أن المسؤولين عن التعليم في كليات البنات أولوا اهتماماً بالغاً لتطوير هذا التعليم، وذلك برسم سياساته وخططه واستراتيجياته، وبذلوا جل اهتمامهم للبحث عن حلول يمكن الأخذ بها لمواجهة التحديات التي تواجه نظام التعليم التقليدي في كليات البنات، خاصة في ظل عدم توفر الوظائف الطافية، ولعل أبرز هذه الحلول تطبيق نظام التعليم عن بعد مكمل للتعليم النظامي التقليدي القائم حاليا، ويأتي ذلك أيضاً ضمن حرص القائمين على التعليم العالي بالمملكة على توفير الفرص للفتاة السعودية لاستكمال تعليمها العالي والحصول على التعليم والتدريب في كليات البنات.
تحديات تعليم البنات
وبيّن الوكيل لكليات البنات أن التعليم بالكليات واجه تحديات منها التزايد الكبير في أعداد خريجات الثانوية العامة الراغبات في الالتحاق بكليات البنات، وعلى الرغم من تزايد أعداد المقبولات بكليات البنات بشكل كبير خلال الخمسة أعوام الماضية، وهذا العام الذي بلغ فيه عدد المقبولات (89.512) طالبة منتظمة ومنتسبة، إلا أن القدرة الاستيعابية لكليات البنات لا تزال أقل من أعداد الخريجات اللاتي يرغبن في استكمال دراستهن الجامعية، ولمواجهة هذه المشكلة بين الدكتور الحصين أنه تم فتح باب الانتساب في بعض الكليات حيث بلغ عدد المقبولات بنظام الانتساب ما مجموعه 50،495 طالبة في هذا العام 1424-1425هـ، ومن التحديات أيضاً زيادة الأعباء المالية الناتجة عن ضرورة استحداث وظائف تعليمية بصفة دورية تواكب زيادة أعداد الطالبات المقبولات، وكذلك تباين المستوى العلمي لأعضاء هيئة التدريس، بل وعدم توفرهم في بعض الكليات، وبذلك يتباين مستوى التعليم من كلية إلى أخرى وكذلك ما تعانيه أنظمة التعليم التقليدية بكليات البنات من صعوبة الحصول على أعضاء متخصصين لهيئة التدريس في الكثير من التخصصات من خلال لجان التعاقد التي توجد في العديد من الدول العربية حيث إن جميع اللجان قد ينتهي عملها ولم تغط من الاحتياج العام سوى 20% فقط، كما أن أنظمة التعليم التقليدية تعاني من عدم المرونة في تغيير برامج التعليم بما يتفق مع متطلبات سوق العمل، وفي توظيف التقنيات التعليمية الحديثة في التدريس، وفي مقدمتها الحاسبات الآلية وشبكات الإنترنت وغيرها.
واعتبر الدكتور الحصين أن تطبيق التعليم عن بعد أحد الحلول الناجحة لمواجهة هذه التحديات حيث يتيح اختيار أعضاء التدريس المميزين في كل تخصص بما لا يزيد عن ثلاثة أعضاء لخدمة جميع الكليات بدلاً من التعاقد مع عضو لكل كلية، ويقلل من التكلفة المالية لأعضاء هيئة التدريس، ويزيد من كفاءة ونوعية العملية التعليمية حيث يوجد المستوى العلمي للتدريس في جميع الكليات, ويحقق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الطالبات سواء كانت الكلية في مدينة كبيرة أوقرية صغيرة، ويسهم التعليم عن بعد في حل مشكلة ضعف القدرة الاستيعبية الحالية لكليات البنات وغيرها من مؤسسات التعليم العالي للبنات، إذ يمكن من خلاله زيادة قبول الطالبات بالكليات، ويعد أحد أساليب ترشيد الإنفاق في التعليم العالي النظامي، وتنويع برامج التعليم من حين لآخر بما يخدم خطط التنمية والوفاء باحتياجات سوق العمل، ويوفر فرصة التعليم العالي للطالبات اللاتي يتعذر عليهن الالتحاق بنظام التعلم النظامي، ومن ثم يحقق مبدأ المساواة مع التعليم العالي لكل الراغبات في هذا التعليم والقادرات عليه، بالإضافة إلى مواكبة المستجدات التربوية العالمية في التعليم.
استخدام الإنترنت
وبيّن أن مشروع التعليم عن بعد في كليات البنات يستخدم شبكة الإنترنت لما توفره هذه الشبكة من المميزات الإضافية مثل استخدام الإنترنت كوسيلة لتدريس بعض المقررات الدراسية والمحاضرات والتمارين بحيث يتم تصميم المقررات الدراسية على موقع خاص بالوكالة على شبكة الإنترنت، ويمكن للطالبات متابعة دراسة المقرر وواجباته ومتطلباته من خلال الإنترنت، ويمكن أن يتم ذلك من المنزل أو أي موقع تكون فيه الطالبة، وتتوفر فيه وسائل الاتصال، وبين أن هذا النظام موجه لتخفيف عبء حضور الطالبات للكلية، ويمثل أيضاً أهمية كبيرة للطالبة سواء في توفير الوقت، أو التكلفة المادية، كما تمثل الإنترنت وسيلة اتصال لبعض البرامج التي تساعد الطالبات في حل التمارين، وفي المزيد من الفهم للمقرر، وتتيح للطالبات تبادل المعلومات فيما بينهن، أو بينهن، وأستاذ المادة من خلال البريد الإلكتروني وغرف الحوار الخاصة بالمقرر الدراسي، ويشير الدكتور الحصين أن الإنترنت لها أهمية كبرى تنبع من عدم الاحتياج لحضور الطالبة لمقر الكلية بصفة دائمة، حيث يتم الحضور فقط بمعدل ساعة واحدة لكل ثلاث ساعات مقررة، وبذلك يساعد هذا النوع من التعليم في مضاعفة أعداد الطالبات المقبولات بمعدل ثلاث مرات عن النظام التقليدي.
من جهة أخرى كشف الوكيل لكليات البنات أن لدى وكالة كليات البنات بنية أساسية تخدم المشروع، حيث توجد بعض التجهيزات في كليات البنات التي يمكن الاستفادة منها في مشروع التعليم عن بعد، وهي قاعات التدريس المزودة بأجهزة عرض البيانات وشاشات العرض، ونظام الصوت بعرض المحاضرات التي بثها من الشبكة التلفزيونية المغلقة والملحقة بكل كلية، كما يوجد العديد من المشرفات على قاعات الشبكة التلفزيونية المغلقة اللاتي يمكن تحويلهن إلى مشرفات على محاضرات التعليم عن بعد، ويجد في كل كلية معمل حاسب آلي حديث، يمكن من خلاله متابعة المقررات الدراسية الموجودة على شبكة الإنترنت لكل من عضوات هيئة التدريس والطالبات.
ميزانية مستقلة
وبيّن الدكتور الحصين أنه تم اعتماد 16 مليون ريال في ميزانية وكالة كليات البنات للعام المالي 1423-1424هـ تحت بند خاص لمشروع التعليم عن بعد، وبيّن أنه تم تشكيل اللجان الخاصة بمشروع التعليم عن بعد، ومن مهامها الاستفادة من تجارب الدول في التعليم العالي عن بعد وقياس مدى نجاحها، ودراسة الخيارات العالمية الفنية المتاحة للتعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني، وتحديد إيجابيات وسلبيات كل خيار, ودراسة واقع المملكة في تطبيق أنماط التعليم عن بعد، وتحديد الأسس التي يعتمد عليها في اختيار النموذج الأمثل للتعليم عن بعد، وتحديد النموذج المناسب في تعليم البنات في المملكة، بالإضافة لوضع الخطوات التنفيذية لتطبيق التعليم عن بعد، وتقويم تلك الخطوات، وأوضح أنه تم وضع المعايير التي سوف يتم بناء عليها اختيار التقنية المناسبة، ومنها خصوصية تعليم البنات بالمملكة، وجودة العملية التعليمية، وما يتطلبه ذلك من تفاعل بين الأستاذة والطالبات، وقيمة ما تتحمله الطالبة لإنشاء المشروع، وتكلفة تشغيل المشروع على المدى الطويل، وسهولة التقنية بما يناسب أعضاء هيئة التدريس، والاستفادة من البنية الأساسية الموجودة بكليات البنات, كما أوضح أن الأسلوب الأمثل والجاري تنفيذه حالياً للتعليم عن بعد يتمثل في طريقتين إحداهما إيجاد مركز للتعليم عن بعد به ثلاثة استوديوهات، يتم من خلالها نقل المحاضرة الواحدة لجميع الكليات التي تحتاج هذه المحاضرة في نفس الوقت، ومن خلال عضو هيئة تدريس واحد فقط، والأخرى توفير وسيلة للتعليم الإلكتروني بواسطة الإنترنت وإلحاقه بمركز التعليم عن بعد، وعلى هذا الأساس تم وضع الشروط والمواصفات الفنية الخاصة بهذا المشروع، الأخذ في الاعتبار الاستفادة من الدوائر التلفزيونية المغلقة بالكليات، والاستفادة من التجهيزات الخاصة بها في مشروع التعليم عن بعد.
وأشار إلى أنه تم دراسة العروض المقدمة، وبعد فحص جميع العروض اختارت اللجنة تقنية (VSAT) لاتفاقها والمعايير الواردة، وأوصت اللجنة بتعميد إحدى الشركات الوطنية بتنفيذ المشروع، وقد تم إجراء تجربة حية لاستخدام نفس التقنية المقدمة بعرضها في البث، بين موقع الوكالة بالرياض وكليات البنات بجدة، وذلك يوم الأحد 24-7-1424هـ، في حضور لجنة التعليم عن بعد وعدد من المدعوين المهتمين بهذا المجال، وقد قامت الشركة بتثبيت معدات الإرسال والاستقبال بالموقعين المذكورين للاتصال عبر أحد الأقمار الصناعية التي يغطي إرساله المملكة، وتجهيز كلا الموقعين بالأجهزة والمعدات اللازمة لإجراء التجربة، وبينت الشركة للحضور إمكانات النظام المقترح من خلال إجراء محادثة فورية بالصوت والصورة بين الحضور في كلا الموقعين، ونقل المادة التعليمية المعدة على الحساب للأطراف المشاركة في الاستقبال، وتسجيل وإعادة بث ما تم من محادثة، والتحكم في ما يتم بثه من صوت وصورة، وتم من خلال التجربة قدرة النظام على نقل الصوت والصورة في الاتجاهين باستخدام تقنية (VSAT)، وبجودة عالية للصوت والصورة, وإمكانية عرض البيانات من خلال العديد من وسائل الإدخال المختلفة مثل أجهزة الفيديو وأجهزة العرض المرئي، مما يسهل على المحاضر عرض مادته العملية بسهولة بالإضافة إلى سهولة التحكم في أجزاء النظام, وأوضح الدكتور الحصين أنه تم تشكيل فريق عمل لمتابعة تنفيذ المشروع والتجهيز لتطبيقه بهدف وضع الخطط التفصيلية، بما يضمن نجاح مشروع التعليم عن بعد، ومن الأنشطة المنوطة بهذا الفريق وضع البرنامج الإرشادي للمشرفين على التعليم عن بعد لتقنين خطوات تنفيذه، وللتدريب على التقنية المستخدمة، وتصميم برنامج متكامل لإدارة التعليم الإلكتروني وتنفيذه بشكل نموذج تطبيقي يتم تقويمه وبالتالي تعميمه, وتحديد الحقائب التدريبية التي يمكن بناؤها لإعداد وتدريب الفئات المشرفة والمتعاملة مع التعليم الإلكتروني وتجهيز الأدلة اللازمة للأساتذة والطلاب لتهيئتهم للتعامل مع التعليم الإلكتروني.
مكونات المشروع
اهتم المختصون في إدارة الحاسب الآلي بالوكالة بإجراء الدراسات اللازمة الموسعة للتقنيات المختلفة لنظام التعليم عن بعد والفروق بينها من حيث النظام المستخدم, الخصوصية، التفاعل، اتجاه البث, أجهزة الإرسال والاستقبال، مرونة الإرسال والاستقبال، وضوح الصوت والصورة، الصيانة والتشغيل، ونسبة الأعطال المتوقعة، وإمكانية التوسعة المستقبلية، وقد تم الاتفاق وفق المعطيات المذكورة على استخدام تقنية البث بواسطة (VSAT) حيث إنها الوسيلة التي تغطي كافة المتطلبات المذكورة بكفاءة عالية.
الشق الأول للمشروع تتمثل في تقنية البث المباشر للمحاضرات ومتطلباته التالية:
- تجهيز موقع البث بثلاث استوديوهات للإرسال.
- نظام التجاوب الفوري اللا سلكي.
- مكونات نظام في سات.
- معدات رئيسة أخرى.
- برامج الحاسب.
- أجهزة الحاسب.
الشق الثاني للمشروع التعليم الإلكتروني باستخدام الإنترنت:
- حزام البرمجيات اللازمة.
- استضافة موقع للوكالة.
- التدريب لعدد من المتخصصات في تصميم المقررات الدراسية وإدارتها من خلال الإنترنت.
- تشغيل كافة شقي المشروع وصيانته لمدة ثلاث سنوات.
|