التعدد في الزواج أمر أجازه الشرع، وحلله على كل مسلم يستطيع أن يؤدي بأمانة متطلبات ذلك التعدد، وفق الأوامر الإلهية الصريحة، وعلى رأسها العدل بمعناه المطلق، فيما يستطيع الرجل أن يحقق ذلك العدل، وهو ما أشير إليه في الحديث الشريف بأنه العدل فيما يملك الإنسان.
ليس الموضوع الذي أنا بصدد الحديث عنه هو أمر التعدد وظروفه ودواعيه وخلاف ذلك، فلست أنا المؤهلة للحديث في أمور شرعية قيض الله تعالى لنا من فضله بعلماء أفاضل أجلاء قادرين بعونه جل وعلى أن يجلوا كل الحقائق حوله.
ما أريد قوله هو أن تقوى الله هي فوق كل شيء، ويجب أن يضعها الرجل الذي ينوي التعدد فوق كل شيء أيضا، إذ ليس من حقه أن يمارس أو يحابي إحدى زوجاته على حساب الأخرى، وليس من حقه أن يترك أبناءه من نسائه وقلوبهم تعتمل بالضغينة على بعضهم.
منذ أيام قلائل، وفي موسم الصيف الذي يتوشى كل عام بحلل الأعراس، وبهجة الأفراح، دعيت إلى إحدى حفلات الزفاف، ولبيت الدعوة وكان الفرح يعم المكان والزمان معا، ووسطهما كانت تقف العروس بأناقة وجمال وسعادة، وكانت عينا والدتها تدمعان فرحا وابتهاجا، بينما كانت عيون المشاركين تبتسم للعروس ولأمها مهنئة سائلة الله تعالى السعادة الدائمة والذرية الصالحة.
لم يقطع المشهد إلا دخول امرأة حملت معها وعليها كل زينتها ومدخراتها من المساحيق والذهب وكل عناصر ( البطر) المرتسمة عليها من شعرها الذي يبدو أنه أخذ وقتا وجهدا غير عاديين عند مصفف الشعر إلى أخمص قدميها المدسوستين في حذاء أرادت به أن تغيظ غيرها، وربما تحاول أن تخرق الأرض، أو تسعى إلى ذلك ظنا منها أنها قد تجد لذلك سبيلاً!!
تقدمت تلك ( الشركة النسائية) المتنقلة إلى العروس وعرفت بنفسها:( أنا مرت أبوك)! ودفع الفضول بأم العروس إلى الاقتراب من المشهد لمعرفة تلك (المدعوة) التي لم تتذكر أنها دعتها، وعرفت أنها مدعوة من قبل والد العروس، فكان الانهيار هو النتيجة الحتمية للموقف، حيث انقلبت المدعوات إلى أم العروس محاولات تهدئتها والتقليل من هول الموقف. وكنت أقف مستغربة مما حصل لتلك المرأة المسكينة خاصة وأن (الضرة) أمر أكثر من مألوف في مجتمعنا.. لكن استغرابي لذلك لم يدم طويلا حين عرفت أن تلك (الضرة) لم تقابل ضرتها من قبل ومنذ خمس سنوات.
هكذا يحلو لبعض الأزواج أن يتصرفوا، دون وازع من ضمير أو دين، حتى وإن ادعوا أن ما يقومون به أمر يجيزه لهم العرف والشرع. فمتى يفهم هؤلاء أن الدين إن كان أباح لهم ما حلله الله لهم، فقد حرم عليهم ما حرمه الله عليهم، وفي مقدمة ذلك الظلم والبغض والعدوان. وتاليتها..؟!
فاكس: 2051900
|