Tuesday 17th August,2004 11646العدد الثلاثاء 1 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

ضحى مؤيدة العُمري: ضحى مؤيدة العُمري:
نعم المجتمع بكافة طبقاته ومؤسساته مسؤول عن مواجهة أصحاب الفكر المنحرف

سعادة الأخ الأستاذ رئيس تحرير صحيفة الجزيرة- وفقه الله-
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فإنني لأشكر للكاتب الأستاذ سلمان بن محمد العُمري، على المقالة التي صاغها على ما يبدو بالفطرة، حيث تسللت أفكارها، وترابطت بعفوية وانسياب، ولا شك أنها أثرت في نفس كل من قرأها، تلك التي جاءت بعنوان (الزهور ترفض الارهاب بالفطرة) على الصفحة 23 من العدد 11621 في صحيفتنا (الجزيرة) ليوم الجمعة 6-6- 1425هـ، تحت زاويته الأسبوعية (رياض الفكر) والحق أن الأستاذ الكاتب العُمري صور الفكرة الطفولية وموقفها من الإرهاب والتدمير تصويراً رائعاً، وإنك لتجد فيه ريح البراءة والطفولة وروحها، ويسرني أن أقف لحظات معقبة على ما ختم به الكاتب مقاله حيث قال: إن المجتمع بأسره صغيره وكبيره رجاله ونسائه بمختلف مشاربهم وفئاتهم مسؤولون عن مجابهة هذا الفكر المنحرف، والذود عن حياض الوطن.. الى آخر ما كتبه. فأقول: نعم إن المجتمع بأسره مسؤول هيئات ومؤسسات مطالبة بمجابهة هذا الفكر، وهذه المطالبة تعد اليوم من أهم الأمور التي يجب أن تركز عليها في مقام التربية، ومع أن كل الأسر والمدارس تقوم بالتوجيه وتسعى إلى نوع من النهوض بأبنائها، لكن أولئك الذين ينجحون في مهماتهم على النحو المقبول يظلون دائماً قليلين، وكثيراً ما يكون غموض ما يريدون الحصول عليه سبباً مهماً في إخفاقهم، ولا أعني بالوضوح هنا المعرفة التامة بأهداف التربية، وإنما أعني حضور الهدف في الممارسة التربوية اليومية، وإدراك المربي للمقولات والتصرفات التي تساعد على الاقتراب من ذلك الهدف، وعند هذه النقطة يفترق الكثير من المربين عن بعضهم، إذ إن عدم الإلمام بالأهداف الأساسية إلى جانب عدم وجود ثقافة تربوية جيدة لدى كثير ممن يمارس التربية يؤدي إلى عدم تناسق الجهود التربوية، بل إلى تصادمها، ولا يخفى أن عدم وجود بعض المربين خير من وجوده، لأنه يفسد فطرة من يربيه، ولا ينهض به، ولا ينمي إمكاناته، ولا يرشده إلى الطريق القويم، بل يكون لديه الاتجاهات السيئة التي تضره، وتؤدي إلى انحرافه!
وإذا أردنا أن نحدد هدفاً إجمالياً للتربية الإسلامية، أمكننا أن نقول: إن التربية الإسلامية في البيوت والمساجد والمدارس تستهدف تكوين (المسلم الحق) الذي يعيش زمانه في ضوء العقيدة والمبادئ التي يؤمن بها، ولعل النقاط السريعة التالية تشكل مجمل ما أريد الوصول إليه ومنها:
- تعريف الناشئة على الله - جل وعلا -، وأنه الخلاق الرزاق المعين الواحد الأحد الذي يستحق منا إخلاص العبادة، وغرس حب الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم- في نفوسهم.
- إشعار الناشئ بضرورة تحمله للمسؤوليات والنتائج المترتبة على اختياراته الخاصة في كل شؤون حياته.
- تخليص أذهان الطلاب من الأوهام والمعتقدات والأفكار الخاطئة التي جاؤوا بها من بيئاتهم الخاصة أو التي طرأت في البيئة العامة وتمليكهم بعض الأصول والقواعد التي تساعدهم على أن يفكروا بطريقة موضوعية ومنطقية.
- تنمية قدرات الطلاب على الملاحظة، ورؤية الارتباط بين الأسباب والمسببات، وبين المقدمات والنتائج.
- تحفيز حب الاستطلاع، وتدعيم روح التساؤل والمشاركة والمناقشة للقضايا المختلفة.
- تكوين العقل المثقف، وهو الذي يمتلك عدداً جيداً من المقولات والخبرات التي تؤهله للتعامل مع مسائل الحضارة والتخلف والإنجاز والإخفاق.
- تدريب الطلاب على تقديم الحلول البديلة، وإثراء وجهات النظر في معالجة المشكلات المطروحة من خلال حصص للعصف الفكري.
- تحسين مستوى اتخاذ القرار في الشأن الخاص، ومساعدة الطالب على رسم أهدافه وتحديد أولوياته، وتنظيم ردود أفعاله.
- تمليك الطالب المبادئ والأساليب التي تساعده على التعلم المستمر، والاستزادة من المعرفة مدى الحياة.
- تدريب الطالب على امتلاك أسس المرونة الذهنية والتلاؤم مع المتغيرات الجديدة.
- تكوين الإنسان الحرالذي يملك حريته لا عن طريق الشعارات ولكن عن طريق توفر البدائل، وعن طريق العلم والإرادة ومقاومة الرغبات.
- دلالة الطالب على العوامل والمقومات التي تجعله ناجحاً في حياته وتخليصه من المفاهيم الخاطئة في هذا الشأن.
وأخيراً لابد من إيجاد صيغ عملية للتعاون بين البيت والمدرسة والمسجد وسائر المؤسسات الاجتماعية والإعلامية في المجتمع، بصور تنسق فيها الجهود، وتكثف لتربية الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، واحدى الصيغ العملية المناسبة لذلك هي تبني برامج توجيهية إسلامية شاملة هذه المؤسسات على مستوى الوطن، تنسجم مع أهداف التربية والتعليم، تشترك فيها المؤسسات الرسمية المسؤولة عن التربية والتعليم، والأوقاف والشؤون الإسلامية، والشؤون الاجتماعية، والصحافة والإعلام، بالاضافة الى بعض الأفراد الأمناء الذين يُختارون بصفتهم الشخصية عن القطاعات الخاصة وتكون مهمة هذه المؤسسات رسم السياسة التوجيهية والإعلامية العليا، والقيام بعمل الخطط الشاملة لتربية الجيل المؤمن بربه، الواعي المستنير، ليكون بحق خير خلف لخير سلف، يتحمل المسؤولية ويؤدي الأمانة.
لقد كان البيت قديماً هو المدرسة الأكثر أهمية في العملية التربوية، ثم جاء دور المدرسة ليأخذ الدور الأول، وفي العهود الإسلامية الأولى، أصبح دور المسجد كدار للعبادة ومدرسة للعلم في غاية الأهمية لتربية الفرد المسلم في ظلال العلم والإيمان، ثم جاء العصر الحديث بثورته الإعلامية، وما تضمنته من وسائل تكنولوجية وأجهزة اتصال جماهيرية من إذاعة، وصحافة، وتلفاز، وغير ذلك.
إن المطلوب من المربين المسلمين آباءً ومدرسين ذكوراً وإناثاً في العصر الحديث، وهي أدوار هذه المؤسسات المختلفة في العملية التربوية، واختيار المادة الإسلامية لمضمونها، ثم التنسيق بينهما في عملية تربية الأفراد والمجتمعات، حتى لا يهدم جهاز ما يبنيه الجهاز الآخر.
ولا شك أن من أهم ما يجب العناية به في هذا العصر استخدام وسائل الإعلام المختلفة من صحافة وإذاعة وتلفاز في عملية التربية الإسلامية، إذ إن البرامج التي تبثها في ديار العرب والمسلمين أكثر خطراً على أخلاق الشباب وتماسك المجتمعات، من الكتاب التقليدي والمحاضرة المحدودة، والصور الساكنة، ووسائل الاتصال الجماهيرية هذه تدخل كل بيت، ويمكن استخدامها في كل مدرسة ونادٍ، وهي أدوات محايدة في ذاتها، إذا استغلت في الخير والبناء كانت فعالة، واذا استغلت في الخير والإفساد أمست هدامة.
ولكن عصا التحويل، وإرادة التغيير تبقى في شخصية المربي المسلم، والمربية المسلمة، والنظام التربوي الإسلامي، والمجتمع الذي ينشد الحياة الإسلامية.
هذا وعذراً للإطالة فقد كان الموضوع مثيراً وحياً أُعيد في نهاية هذا التعقيب تقديري ل(الجزيرة) الغراء وللكاتب الأستاذ سلمان العُمري وفقه الله وأثابه.

ضحى بنت سليمان الصغير
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [خدمة الإنترنت] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved