Tuesday 17th August,2004 11646العدد الثلاثاء 1 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

في زمن عقوق الوالدين في زمن عقوق الوالدين
نورة الدوسري

من كبائر الذنوب التي طالما نهانا عن ارتكابها الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وحذرنا منها أشد التحذير عقوق الوالدين، وذلك في أكثر من موضع في الكتاب والسنّة.. وكثيرة هي الأدلة التي جاءت مبينة عظم منزلة الوالدين في الدين الإسلامي، ووجوب طاعتهما والبر بهما وعدم الإساءة لهم في كل صغيرة وكبيرة.. وكما وضحت الجزاء والعقاب الذي سيلقاه كل من عق بوالديه وأنه سيلقاه في الدنيا والآخرة.
وقد قرن الله سبحانه وتعالى طاعته بأداء العبادات له بطاعة الوالدين وذلك في قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، وهذا ليدل على عظم مكانة الوالدين وطاعتهما والإحسان إليهما، بأن قرن الله تعالى عبادته بطاعتهما، وكما نهانا الله سبحانه عن الإساءة للوالدين سواء في القول أو الفعل، وعدم التملل والتضجر من طاعتهما وتقديم المساعدة لهما في أي حال.. وذلك في قوله تعالى: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا}.. فهذا هو ديننا الحنيف الذي لم يجعل شيئاً يحتاج إلى توضيح، حيث لم يجعل لنا شيئاً مبهماً أو غير واضح. ومما يدمي القلب ويحزنه هو تلك القصص المؤلمة التي نسمع بها أو نطلع عليها أو نعيشها في مجتمعاتنا الإسلامية والتي ظهرت فيها كل بشاعة لعقوق الوالدين. وأكبر ضروب الإساءة لهما، والتي لم تعد في القول فحسب! بل وصل بها إلى الاعتداء ورفع اليد عليهم.. وأصبح الكثير من المجتمعات في شتى أقطار الدول الإسلامية والعربية يعيش كثير من حالات العقوق بالوالدين.. وأصبحت ملفات قضايا عقوق الوالدين تتراكم في العديد من المحاكم، فهذه القصص والوقائع ليست من نسج الخيال، بل وبكل أسف من أرض الواقع الأليم!.
فالذي أتساءل عنه هنا هو أين أولئك العاقون لوالديهم من مخافة الله سبحانه في السر والعلن؟.. أين هم من عظم ذنبهم الذي سولت لهم أنفسهم الوقوع فيه بل والاستمرار فيه؟، أين هم من التفكير في الجزاء والعقاب الذي سيجازيهم الله سبحانه به بما عملوه وارتكبوه في حق والديهم؟.
أما يتبدبر هؤلاء ذنبهم الآثم الذي ارتكبوه؟ أم أن ضمائرهم الحية قد ماتت كموت الخير فيهم؟! أما يتفكر هؤلاء في لو داهمهم ملك الموت وهم عاقون بوالديهم؟..
أما يتفكر هؤلاء بما سيفعل بهم أبناؤهم لاحقاً؟.. بلا شك أن قلوب هؤلاء قد امتلأت بالقسوة والجرم، وأغواهم الشيطان وأعمى بضائرهم.
فالوالدان لو عملنا ما عملنا في سبيل أن نكافئهما أو نرد لهما ما قدماه لنا فلن نستطيع الوفاء لهما.. ومهما بذلنا سنظل مقصرين في أداء حقوقهما كاملة.. وسنظل مطالبين ببرهما والإحسان لهما سواء في حياتهما أو مماتهما. فبطاعة الله والوالدين نظفر برضاء الله سبحانه وبرضاء والدينا عنّا، وتسعد معيشتنا وتيسر لنا دروب الخير، ونشعر بالارتياح والرضاء على النفس، ونكسب الجزاء والخير في الدنيا والآخرة بإذن الله.
فنسأل الله أن يجعلنا من الطائعين له ولوالدينا والبارين بهما والمحسنين لهما، وأن يمتعنا بأعمارهما ويرحم من مات منهما، ويصلح عقول العاقين بوالديهم، ويرجعهم إلى طريق الخير والصواب.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [خدمة الإنترنت] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved