Tuesday 17th August,2004 11646العدد الثلاثاء 1 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

شيء من المنطق شيء من المنطق
أسعار النفط العالمية: قف
أ. د. مفرج بن سعد الحقباني

تشهد أسواق النفط العالمية في هذه الأيام ارتفاعاً متسارعاً في أسعار البترول حتى وصلت إلى رقم قياسي بلغ أكثر من خمسة وأربعين دولاراً نتيجة للعديد من العوامل التي يأتي في مقدمتها تزايد معدل الطلب العالمي على النفط والمعلومات الواردة عن مستوى المخزون الامريكي وانخفاض الإنتاج العالمي الناتج عن تعرض الإنتاج العراقي للاهتزاز نتيجة للأعمال التخريبية التي تستهدف أنابيب النفط والتذبذب في الإنتاج الفنزويلي نتيجة لما يتعرض له الرئيس الفنزويلي من اعتراضات سياسية وشعبية.
وإذا كنا نعلم بأن تحقيق التوازن في سوق البترول العالمية والسعي إلى المحافظة على اسعار النفط في حدود الإطار المقبول لطرفي السوق يعتبر من مصلحة الدول مجتمعة وبشكل خاص الدول المصدرة التي لا تمتلك القوة السياسية والاقتصادية التي تمكنها من تحقيق الإفادة المباشرة من الارتفاع في الاسعار العالمية، فإن الارتفاع الهائل الذي تتعرض له اسعار النفط حاليا يعرض مصالح الدول المصدرة قبل الدول المستهلكة للخطر ويهدد التوازن الذي تنشد منظمة الأوبك تحقيقه باعتباره هدفاً استراتيجياً من أهدافها الرئيسة التي نص عليها نظام إنشاء المنظمة، فمن المعلوم أن منظمة الأوبك تضم في عضويتها مجموعة من الدول معظمها ذات نفوذ سياسي غير مؤثر على الساحة العالمية ومعظمها إن لم يكن جميعها تعتمد وبشكل مباشر على الاستيراد من الدول الصناعية لتأمين احتياجاتها من السلع والخدمات الاستهلاكية والإنتاجية مما يعرضها إلى مؤثرات التضخم المستورد الناتج عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات المستوردة وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم المحلي وتدني مستوى المعيشة والرفاهية لمواطنيها. كما أن الارتفاع في الأسعار وبشكل غير مقبول يؤدي إلى حدوث ما يعرف بتضخم التكاليف في الدول الصناعية الناتج عن ارتفاع تكاليف الإنتاج لمعظم السلع الاستهلاكية والإنتاجية وبالتالي إلى ارتفاع في المستوى العام للاسعار وارتفاع في تكاليف المعيشة في هذه الدول مما يخلق بيئة اجتماعية وسياسية واقتصادية مضادة للدول المصدرة للنفط ويعرض مصالح هذه الأخيرة للخطر. وفي اعتقادي ان الارتفاع الحالي الذي يحدث في وقت تتعالى فيه اصوات المرشحين والناخبين في الولايات المتحدة الأمريكية يعتبر من أخطر العوامل التي قد تعصف بمصالح الدول المصدرة خاصة إذا علمنا بأن الغاية المتمثلة في كرسي الرئاسة ستبرر اي وسيلة تحقق هذه الغاية وهذا قد يؤدي الى فقدان المنظمة لاحد أهم العناصر التي تدعم وجود المنظمة وتحرص على عدم انخفاض أسعار البترول إلى مستويات مضرة بمصالح الدول المصدرة لكون ذلك يؤثر على الشركات العملاقة الامريكية ويخدم مصالح الدول الصناعية الاخرى التي تعتمد بشكل كبير على النفط كمصدر رئيس وربما وحيد للطاقة. وبالتالي فإننا كمحللين اقتصاديين وكمهتمين بهذه السوق المهمة نتطلع إلى دور كبير للمملكة العربية السعودية لإعادة التوازن في اسواق البترول من خلال الإسراع بزيادة الإنتاج بمعدل قد يزيد عن 1.3 مليون برميل يوميا ومن خلال التحرك الفاعل على الساحة الدولية للتنسيق مع المنتجين من داخل وخارج المنظمة كما حدث في نهاية التسعينيات. لابد أن نعي بأن عجز وكالة الطاقة الدولية عن إيجاد البديل الكامل للبترول كمصدر للطاقة قد فرض على الدول المصدرة مراعاة الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الدول الصناعية عند اتخاذها لقراراتها النفطية ربما بشكل يفوق مراعاتها لمصالحها الخاصة لأسباب كثيرة منها ما يدل عليه المثل العربي (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق). أتمنى أن نسارع باتخاذ ما يلزم لإعادة أسعار النفط إلى مجالها المقبول لكون ذلك يتناسب مع مصالحنا الاستراتيجية ذات الأجل الطويل فهل يتحقق ذلك؟ أتمناه عاجلا.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [خدمة الإنترنت] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved