Tuesday 17th August,2004 11646العدد الثلاثاء 1 ,رجب 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

مشويات البرتقالة!! مشويات البرتقالة!!
محمد ابو حمرا

هل تذكرون يا مسهّرني؟ كانت تلك مرحلة من مراحل الخدر الذي نمارسه عن قناعة دون تفكير، وكنت أيامها شاباً في أزقة ضيقة من أزقة الرياض ولا نملك يومها إلا جهاز الترانزستور، فكنا ننام باكرا إلا في الليلة التي ستذاع فيها حفلة السيدة أم كلثوم (تجاوز الله عنها) نبقى بقرب المذياع الذي لم يكن إرساله صافيا يومها، فنرفع الاريال او نوجه المذياع عند الاذن حتى يكون أكثر وضوحاً، وكنا نخفض صوته خوفا من آبائنا وأمهاتنا عندما كان الحياء من حياتنا، تلك أيام مضت وندمنا على غباء الفكر وفكر الخدر العربي، وكثيرا ما يحصل التخدير لهمة الأمة ابتداء من سيدة الطرب وانتهاء بما يلهج به الناس اليوم من أغنية العهر العربي المسماة (البرتقالة) وهي التي سمعت عنها ورأيتها أيضاً، فقد جاءت تلك الأغنية مسخا لشحوم تهتز كما تهتز أيامنا على كف عفريت خبيث، وقد أخبرني أحد الأصدقاء ان إخراجا آخر أكثر فظاعة جيء به لتلك الأغنية، فقد زادت أعين المشاهدين والمشاهدات لها، وصارت البرتقالة بالنسبة لذوات الدهون المتراكمة مثل قصيدة أعشى قيس في بني أنف الناقة يومها مع الفارق في الأداء والطريقة والهدف، فبعد ان كانت المنفوخة تستر جسمها المترهل قبل الأغنية صارت اليوم ترتج وكأنها تقول: أنا البرتقالة!
ونتيجة لضخامة البرتقالة العربية فقد امتنع البرتقالات اللائى يأكلن أكل الجواميس عن الريجيم الذي كان معمولا به قبل البرتقالة فزاد الوزن عندهن!!
تلك هي شياطين الإنس تتسلط علينا كل يوم وساعة عبر قنوات الخدر العربي التي يمتلكها من كانوا من أكثر الناس شهامة وترفعا، وكانوا كما قيل من أقوى الناس محافظة على الشيمة والشهامة والرجولة والخلق العربي، فخلف من بعدهم خلف عاثوا فسادا في عقول المراهقين والمراهقات وناقصي وناقصات العقل يبثون سموم الفكر المنحرف مشاهدة دون حياء او شهامة أمة لها مكونات النقاء والطهر والخلق القويم، ومن هنا تبدأ خيبة الأمة في مالها أولاً وفي رجالها ثانياً، ولعل تلك والله بداية الخسف الذي بدأ يحل بنا ونحن نائمون، أو أنه شر أريد بنا ونحن له مخامرون أو مداهنون، أو هي سقطة سقطتها رؤوس اهتزت كثيراً فعادت نحو الحضيض في التفكير والتصرف وسلطها الله على أجيالنا الجديدة.
ألم تلاحظون أن الحياء قد قلّ في كثير من الأماكن العامة، وكان قبل ذلك له صدى وممارسة؟ تلك نتيجة الشاشات التي نمدها بمالنا ورجالنا فتمدنا بعهر الخيبة وخيبة العاهرات المتراقصات أمام أنظارنا ونحن نضحك دون خجل او حياء، فبعد ان كان العرب القدماء من أصحاب الشيم لا يقيمون وزنا لعازف الربابة يومها، صار للمغنين والمغنيات ألف كف تلتف حولهم مرحبة بهم ومعطية لهم قيمة، وما هم أهل لذلك مهما بلغوا من درجات الشهرة التي ستكون ندامة عليهم يوم يُسألون، فالدخان مهما ارتفع سينزل للحضيض.

فاكس: 2372911

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [خدمة الإنترنت] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved