الناقد الأدبي قد يباشر العملية النقدية وخاصة إذا استقره العمل الأدبي بقوته وإيحاءاته أو تجديداته وروعته بغض النظر عن مبدعه أكان من الأدباء الشيوخ أو الشباب.. فهو هنا أعني - الناقد- المكتمل لأدواته النقدية يتحرك ضمن منظومة خاصة به تدفعه إلى نقد العمل الأدبي المؤثر خاصة، وقد أثيرت شهيته للعملية النقدية وهذا هو في حد ذاته الرد على متّهمي النقاد سواء منهم الأكاديميون أو مثقفو المجال النقدي- على أن الناقد يشتمل على الميزتين معاً الأديب والناقد في ذات الوقت- ولكنه يحرك واحدة وهي معرفته بالنقد كعملية علمية إجرائية مأمونة العواقب من حيث إن المعرفة النقدية خاضعة للعقل والعلم بالدرجة الأولى.. أما الأديب سواء أكان شاعراً أم ناثراً فهؤلاء موهوبون تتقدم عواطفهم على تعبيرهم الأدبي على العملية النقدية العقلية المنظمة!
وأما الراهب من النقاد الفاعلين فهم أولئك الذين تتملكهم روح المسؤولية ويدركون تهافت المرحلة الأدبية وإبداعها فيعمدون بمباضعهم النقدية على تشريح المرحلة الأدبية التي استفزتهم المستويات الضحلة المعاصرة للإبداع للأدبي ومن هنا فهو يرى أن هؤلاء الأدباء أو بعضهم عالة على أمجاد أدبية ماضية أو على غرور أدبي غير مسبوق في مجال الادعاء، وهذا ما نلحظه على بعض الممارسين للأدب، فهؤلاء يرون أنهم اقتعدوا هامة الثريا ومن ثم وجب على النقاد والنقد الأدبي أن يفرش لهم الورد والزهور وأن يتحول الناقد ونقده إلى إشعال البخور حول صاحب النص أو نصه، ومن هنا تنحدر القضية الأدبية النقدية برمتها إلى تلك العلاقة غير السوية بين الناقد والأدب بوجه خاص وبينه وبين الأدباء ومرحلتهم في أي عصر من العصور!!
وهذا نوع من الاستبداد الأدبي يثيره الأدباء بين الفينة والفينة والغاية من ذلك هو استفزاز الناقد أياً كان إلى مباشرة أعمالهم الأدبية على الرغم منهم متناسين أهم قاعدة في العملية النقدية ذاتها ألا وهي (الرغبة) نعم الرغبة في نقد العمل الأدبي من الأدب ذاته وليس من خارجه!!
وهناك من المبدعين من يدعي بأن كل الصيد في جوف الفرا أي في عمله الأدبي - وكثيرون هم؟! ومن ثم يريدون- الجائزة- وهي في نظرهم إدخال هذا الناقد- المترفع- البارد- المهمل إلى بيت الطاعة قسراً! ولو عرف ما وراء الأكمة ما فعلها لأنه حقيقة لم يدرك مدى جودة أدبه من ضعفه فكان حاله تماماً وحال إبداعه الأدبي المتوهم كما قال الخالق عز وجل {يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا}.
أما أن يتحول الأدب كعمل إبداعي مؤثر أو أن تتحول العملية النقدية للأدب إلى (تجارة) عرض وطلب فهذا مما يجافي العملتين معاً.
كذلك الأديب والناقد إذا تحولا إلى تكايا وجاهة أو نجوم فرقعات إعلامية أو سلق بيض فاسد على قفا وطن حر وشعب أبي، فهذا إما ننعاه ونرفضه! وكذلك نوجه اللوم للناقد الموهوب المكتمل الأدوات لو صمت في رفض أو ترفع عن أدب مرحلة دون إبداء رأي، فهذا ليس من حقه ولا من واجب العلماء- والناقد في نظري هو العالم بالأدب والنقد في ذات الوقت بحسب العلم الذي منحه الله
إياه والممارسات النقدية اليومية التي يمارسها النقاد الأكاديميون بجامعاتهم نصوص ومراحل أدبية تتوافر تفوقها كالشعر الجاهلي - كشعر صدر الإسلام والعباسي والأندلسي والحديث لبعض مبدعي الأدب شعره ونثره.
|