فضل معظم الحضور في المؤتمر الوطني العراقي مواجهة المسائل الساخنة حتى وإن لم تكن ضمن أجندة المؤتمر، وأصروا على ضرورة إنقاذ مواطنيهم من المحرقة التي تحدق بهم بعد أن حصدت بالفعل مئات الأرواح، وكانت رسالتهم أن تسعى الحكومة إلى التعهد بالتهدئة في النجف قبل مواصلة أعمال المؤتمر، وهم بذلك وضعوا أساسا طيبا لأعمال مثل هذا المؤتمر من خلال التصدي للمسائل الأكثر إلحاحاً.
جرى ذلك بينما كانت النجف تترقب انهمار الحمم عليها بعد فشل الوساطة وبعد مناشدة السلطات الصحفيين بمغادرة المدينة ما أقنع الجميع بأن أمراً جللاً على وشك الوقوع..
وفي مداولات اليوم الأول جرى مواجهة موضوع التهديدات من خلال طرح يتفاوت في العمومية والخصوصية، وكل ذلك يرتبط بالهم الوطني المرتبط بضرورة وقف القتال، فقد تحدث الكثيرون عن ضرورة وضع حد للقتال كأولوية لا يعلو عليها شيء آخر، بينما ربط آخرون ذلك بهيبة الدولة مشيرين إلى أن السماح بتدهور الأوضاع في النجف يعنى الانفلات الأمني في كامل الدولة العراقية..
الصورة العملية لمداولات اليوم الأول تمثلت في اقتراح برفع مطالبة إلى الحكومة العراقية بضرورة وقف القتال في النجف وقد صوت الحضور مع هذا المطلب، وكانت تلك خطوة عكست الصورة العملية وأجملت الكثير مما كان يمكن أن يقال..ولأن هذا المؤتمر يفترض فيه أن يطلق العملية الديموقراطية في العراق فمن الواضح أنه كان هناك حرص على تقديم أمثلة جيدة لهذا الدور من خلال إفساح المجال أمام الجميع للتعبير عن آرائهم بما في ذلك إيلاء مسالة النجف ما تستحقه من اهتمام في إطار الممارسة الديموقراطية المنشودة. والأمل دائما أن تستمر الجهود الخيرة لتبريد كل الجبهات الساخنة في العراق بما فيها الساحة الأكثر سخونة في النجف وذلك بالسرعة الكافية التي تتيح للمؤتمر الوطني أن يتفرغ للمهام الأخرى التي تتصل بالبناء السياسي..ولن يكون بوسع الحاضرين تحقيق أي من المهام الموكلة إليهم إذا استمر تدفق الدماء في النجف وغيرها، فالتوافق على العملية السياسية يستوجب تنظيف الساحة وربما القلوب من المنغصات ومن الارتياب، أو بمعنى آخر فإن الأمر يستلزم صفاء النفوس وهو أمر لن يتحقق بينما العراقيون يتقاتلون..
|