Monday 16th August,200411645العددالأثنين 30 ,جمادى الآخر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

الرئة الثالثة الرئة الثالثة
بين (معْتَذر) لـ(السعودية) وعَاتبٍ عليها!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

أيامٌ وليالٍ ثم ينحَسرُ موسمُ الإجَازات في المملكة، بحُلُول العَام الدراسيّ الجديد 1425 - 1426هـ، وعَوْدة قوافل (الطيور المهاجرة) إلى (أعشَاشها) في الداخل!
ولقد شَهِدَ هذا الموسمُ، كَكُلّ المواسم الماضية، هجرةً نشطةً إلى مَرابِع الراحة والترويح، داخل المملكة وخارجها، هَرَباً من تَعَب الحياة ونَصَبِها!
**
من جهة أخرى، اقترن هذا الموسمُ، كَكُلّ المواسِم الأُخْرى، بشُحْنةٍ غير هيّنة من القلق إزاء أداء (الخطوط السعودية)، بسبَب (الهجرة) شِبْه الجماعيّة للناس، مواطنين ومقيمين سَوَاء، ويتمثّلُ هذا القلقُ (المزمن) في الآتي:
(1) محاولة ضبط (الحجوزات) ذهاباً أو إياباً، والتأكّد من ثَباتها.
(2) احْتمالُ تعرُّض بعْضها للإلغَاء بعضَ الأحيان، إمّا سهواً أو عمداً، بحُجج لا يرقى بعضُها إلى مستوى العقل واليقين.
(3) تأخر الإقلاع من محطةٍ ما لأسباب لا يعلمُها إلا الله.. ثم الراسخُون في العلم داخل (دهاليز) الخطوط السعودية, وقد يطْرأُ تأخيرٌ على رحلة داخلية أو خارجية، ثم تبحثُ عمَّنْ يبلغُك النبأ اليقين عن سبَب ذلك التأخّر الطَّارئ، وأنت قابعٌ في مقعدك داخل الطَّائرة، لا حَولَ لك ولا قُوّة، فلا تلْقفُ إلا صَمْتاً، وقد تسْمعُ من أحدهم (أو إحداهن) (فتْوى) ب(لا أعلم)، وقد يتطَوّعُ المشرفُ على تلك الرحلة وربمّا قائد الطاّئرة، فَيبُثّ على أسماع الركّاب إعلاناً مقْتضَباً بأن التأخر ناجمٌ عن أسباب (خَارجة عن إرادة الجميع)، ويغالبُك الشَّوقُ في تلك اللحظة أن تسْمعَ (كَلمة اعتذار) تَحفَظُ للركّاب كَرامتَهم، فيرتَدّ إليك الشَّوقُ حسيراً، ثم يَذْهب ذهنُك كلَّ مذْهبِ، تأويلاً لذلك وتفسيراً!
**
وحسبك أن يضُمَّك جمْعٌ من الناس، ثم يأتي ذكر (الخطوط السعودية) ليَتلقّفَ سمعُك رَتْلاً من (الحكايات) لا تكَادُ تميزُ بين الطيِّب منها والخبيثِ، وبين الحقَّ منها والبَاطل!
**
ومن هنا، فإنّ كَثيرين من الناس، من مخْتَلف الأَوسَاط والأعَمار والثَّقاَفات، باتُوا يتحَدّثوُن عن (مشكلاتهم) مع (السعودية) حَديثاً قد يبْلغُ ببعضهم حدَّ القُنُوط، وقد يمسُّ مشارف الغُلو، وكأنهم يصفون داءً لا شفاء منه، وحين يستقبل سمعي مثل هذه الأحاديث، مقروءةً أو مسموعةً، ينالُني شيء من انقسام النفس، بين (معتذر) للسعودية و(عاتب) عليها، لعلمي اليقين بأن (السعودية) ليست مسؤولةً عن كل السلبيّات التي يتحدّث عنها كلُّ الناس في كلّ مكان، فللْجمهور نفسه نصيبٌ من عتب بما يمارسُه أحياناً من سلبيات تُحبْطُ عمل هذه المؤسسة الوطنية ولبعض مكاتب السفر والسياحة مثلُ ذلك وبعض الأخطاء تنشأ نتيجة إفرازات وملابساتٍ لا إرادية عدة قد لا تملك (السعودية) لمعظمها ردْعاً ولا دفْعاً!
**
غير أنّ هذا لا يعني في الوقْتِ نفسه أنّ (السعودية) براءٌ من بعض ما يُنْسَبُ إليها، وأحسبُ يقيناً أنها قادرةُ على ضَبْطِ وربْطِ الكثير من الأمُور والمواقِف ضمن أُطرها الفنيَة والإداريّة، مسْتَهْديةً بخبْرتها المتنامية في دنيَا الطيران، وسيُسَاعدُ ذلك كلُّه على دعْم ثِقَة الناس بها في موْسمٍ وفي غيره، وحريٌّ بنا جميعاً أن نتذكَّر أنّ الإدارة فنُّ عسيّر، خاصة إذا كان ممارسُها يتعاملُ مع شرَائحَ عريضةٍ من ناس متنافري الميوُل والغَايَات، لكنَّ الإدارةَ، مثل الدبلوماسية، تظلُّ في أحسَن أحْوالها، (فنَّ) الممكن لا (بَلْسَمَ) المستحيل!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved